مات القرآن في حسنا .. أو نام ....
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين
===================================
======== القرآن .
فهو كائن حي متحرك .
فهو يعمل و يتحرك في وسط الجماعة المسلمة ، ويواجه حالات واقعة فيدفع هذه و يقر هذه ، و يدفع الجماعة المسلمة و يوجهها .
فهو في عمل دائب ، و في حركة دائبة .. إنه في ميدان المعركة و في ميدان الحياة .. و هو العنصر الدافع المحرك الموجه في الميدان .
======== و نحن أحوج ما نكون إلى الإحساس بالقرآن على هذا النحو ..
و إلى رؤيته كائناً حياً متحركاً دافعاً .
لقد انفصل القرآن في حسنا عن واقعه التاريخي الحي ..
و لم يعد يمثل في حسنا تلك الحياة التي وقعت يوما ما على الأرض ، في تاريخ الجماعة المسلمة ..
و لم نعد نذكر أنه كان في أثناء تلك المعركة المستمرة هو " الأمر اليومي " للمسلم المجند ، و هو التوجيه الذي يتلقاه للعمل و التنفيذ ..
مات القرآن في حسنا .. أو نام ..
ولم تعد له تلك الصورة الحقيقية التي كانت له عند نزوله في حس المسلمين .
و أصبحنا نتلقاه إما ترتيلا منغما نطرب له ، أو نتأثر التأثر الوجداني الغامض السارب ..
و إما أن نقرأه أوراداً أقصى ما تصنع في حس المؤمنين الصادقين منا أن تنشئ في القلب حالة من الوجد أو الراحة أو الطمأنينة المبهمة المجملة .
======== و القرآن ينشئ هذا كله .
و لكن المطلوب – إلى جانب هذا كله – أن ينشئ في المسلم وعياً و حياة .
نعم المطلوب أن ينشئ حالة وعي يتحرك معها القرآن حركة الحياة التي جاء لينشئها .
المطلوب أن يراه المسلم في ميدان المعركة التي خاضها ، و التي لا يزال مستعداً لأن يخوضها في حياة الأمة المسلمة .
المطلوب أن يتوجه إليه المسلم ليسمع منه ماذا ينبغي أن يعمل – كما كان المسلم الأول يفعل –
و ليدرك حقيقة التوجيهات القرآنية فيما يحيط به اليوم من أحداث و مشكلات و ملابسات شتى في الحياة ..
و ليرى تاريخ الجماعة المسلمة ممثلاً في هذا القرآن ، متحركاً في كلماته و توجيهاته ، فيحس حينئذ أن هذا التاريخ ليس غريبا عنه . فهو تاريخه .
وواقعه اليوم هو امتداد لهذا التاريخ .
و ما يصادفه اليوم من أحداث هو ثمرة لما صادف أسلافه ، مما كان القرآن يوجههم إلى التصرف فيه تصرفاً معيناً .
و من ثم يحس أن هذا القرآن قرآنه هو كذلك .
|