عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-2020, 10:34 AM   #49
ناصح أمين
| عضو متألق |


الصورة الرمزية ناصح أمين
ناصح أمين غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3401
 تاريخ التسجيل :  Aug 2018
 أخر زيارة : 10-02-2022 (09:32 AM)
 المشاركات : 1,390 [ + ]
 التقييم :  27
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



======== 88 ========

إن القرآن لم يقض ثلاثة عشر عاماً كاملة في بناء العقيدة بسبب أنه كان يتنزل للمرة الأولى .. كلا !

فلو أراد الله لأنزل هذا القرآن جملة واحدة ، ثم ترك أصحابه يدرسونه ثلاثة عشر عاماً أو أكثر أو أقل ، حتى يستوعبوا " النظرية الإسلامية ".

و لكن الله – سبحانه – كان يريد أمراً آخر .

كان يريد منهجاً معيناً متفرداً .

كان يريد بناء الجماعة و بناء الحركة و بناء العقيدة في وقت واحد .

كان يريد أن يبني الجماعة و الحركة بالعقيدة ، و أن يبني العقيدة بالجماعة و الحركة ..

كان يريد أن تكون العقيدة هي واقع الجماعة الفعلي ، و أن يكون واقع الجماعة الحركي الفعلي هو صورة العقيدة .

و كان الله - سبحانه – يعلم أن بناء النفوس و الجماعات لا يتم بين يوم و ليلة ..

فلم يكن بد أن يستغرق بناء العقيدة المدى الذي يستغرقه بناء النفوس و الجماعة حتى إذا نضج التكوين العقيدي كانت الجماعة هي المظهر الواقعي لهذا النضوج .

======== 89 ========

الحياة في جو القرآن لا تعني مدارسة القرآن ، و قراءته و الاطلاع على علومه ..

إن هذا ليس " جو القرآن " .

الحياة في جو القرآن :

هو أن يعيش الإنسان في جو ، و في ظروف ، و في حركة ، وفي معاناة ، و في صراع ، و في اهتمامات .. كالتي كان يتنزل فيها هذا القرآن ..

أن يعيش الإنسان في مواجهة هذه الجاهلية التي تعم وجه الأرض اليوم ..

و في قلبه ، و في همه ، و في حركته ، أن " ينشئ " الإسلام في نفسه و في نفوس الناس ، و في حياته و في حياة الناس ، مرة أخرى في مواجهة هذه الجاهلية .

بكل تصوراتها ، و كل اهتماماتها و كل تقاليدها ، و كل واقعها العملي ، و كل ضغطها كذلك عليه ، و حربها له ، و مناهضتها لعقيدته الربانية ، و منهجه الرباني ..

هذا هو الجو القرآني الذي يمكن أن يعيش فيه الإنسان ..

فيتذوق هذا القرآن .

فهو في مثل هذا الجو نزل ، و في مثل هذا الخضم عمل ..

و الذين لا يعيشون في مثل هذا الجو معزولون عن هذا القرآن مهما استغرقوا في مدارسته و قراءته و الاطلاع على علومه .

و على الجميع أن يحاولوا أن يعيشوا في " جو القرآن " حقاً بالعمل و الحركة .

و عندئذ فقط سيتذوقون هذا القرآن ، و يتمتعون بهذه النعمة التي ينعم الله بها على من يشاء .


 


رد مع اقتباس