======== 112 ========
" القرآن الحكيم "
و الحكمة صفة العاقل .
و التعبير على هذا النحو يخلع على القرآن صفة الحياة و القصد و الإرادة .
و هي من مقتضيات أن يكون حكيما .
و مع أن هذا مجاز إلا أنه يصور حقيقة و يقربها .
فإن لهذا القرآن لروحاً ، و إن له لصفات الحي الذي يعاطفك و تعاطفه حين تصفي له قلبك و تصغي له روحك ..
و إنك لتطلع منه على دخائل و أسرار كلما فتحت له قلبك و خلصت له بروحك ..
و إنك لتشتاق منه إلى ملامح و سمات كما تشتاق إلى ملامح الصديق و سماته حين تصاحبه فترة و تأنس به و تستروح ظلاله ..
و لقد كان رسول الله – صلى الله عليه و سلم – يحب أن يسمع تلاوة القرآن من غيره كما يقف الحبيب و ينصت لسيرة الحبيب
و القرآن حكيم .
يخاطب كل أحد بما يدخل في طوقه ، و يضرب على الوتر الحساس في قلبه ، و يخاطبه بقدر ، و يخاطبه بالحكمة التي تصلحه و توجهه .
و القرآن حكيم .
يربي بحكمة ، وفق منهج عقلي و نفسي مستقيم .
منهج يطلق طاقات البشر كلها مع توجيهها الوجه الصالح القويم
و يقرر للحياة نظاماً كذلك يسمح بكل نشاط بشري في حدود ذلك المنهج الحكيم .
======== 113 ========
المحسنون هم الذين يكون القرآن لهم هدى و رحمة لأنهم بما في قلوبهم من تفتح و شفافية يجدون في صحبة هذا القرآن راحة و طمأنينة ..
و يتصلون بما في طبيعته من هدى و نور ، و يدركون مراميه و أهدافه الحكيمة ..
و تصطلح نفوسهم عليه ، و تحس بالتوافق و التناسق و وحدة الاتجاه ، و وضوح الطريق .
و إن هذا القرآن ليعطي كل قلب بمقدار ما في هذا القلب من حساسية و تفتح و إشراق ، و بقدر ما يقبل عليه في حب و تطلع و إعزاز .
إنه كائن حي يعاطف القلوب الصديقة ، و يجاوب المشاعر المتوجهة إليه بالرفرفة و الحنين .
|