عرض مشاركة واحدة
قديم 07-01-2020, 10:00 AM   #64
ناصح أمين
| عضو متألق |


الصورة الرمزية ناصح أمين
ناصح أمين غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3401
 تاريخ التسجيل :  Aug 2018
 أخر زيارة : 10-02-2022 (09:32 AM)
 المشاركات : 1,390 [ + ]
 التقييم :  27
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



======== 114 ========

و تدبر القرآن يزيل الغشاوة ، و يفتح النوافذ ، و يسكب النور ، و يحرك المشاعر ، و يستجيش القلوب ، و يخلص الضمير .

و ينشئ حياة للروح تنبض بها و تشرق و تستنير .

" أم على قلوب أقفالها ؟ "

فهي تحول بينها و بين القرآن و بينها و بين النور .

فإن استغلاق قلوبهم كاستغلاق الأقفال التي لا تسمح بالهواء و النور

و من النصوص و التوجيهات القرآنية يتجلى كيف كانت نفوس المسلمين الصادقين تتلقى آيات هذا القرآن ؟

كيف تهتز لها و تضطرب ، و كيف ترتجف منها و تخاف ، و أن كيف تحذر أن تقع تحت طائلتها ، و كيف تتحرى أن تكون وفقها و أن تطابق أنفسها عليها ..

و بهذه الحساسية في تلقي كلمات الله كان المسلمون مسلمين من ذلك الطراز .

======== 115 ========

و الذي يقرأ هذا القرآن – و هو مستحضر في ذهنه لأحداث السيرة – يشعر بالقوة الغالبة و السلطان البالغ الذي كان هذا القرآن يواجه به النفوس في مكة و يروضها حتى تسلس قيادها راغبة مختارة .

و يرى أنه كان يواجه النفوس بأساليب متنوعة تنوعاً عجيباً ..

__ تارة يواجهها بما يشبه الطوفان الغامر من الدلائل الموحية و المؤثرات الجارفة .

__ و تارة بما يشبه الهراسة الساحقة التي لا يثبت لها شيء مما هو راسخ في كيانها من التصورات و الرواسب .

__ و تارة بما يشبه السياط اللاذعة تلهب الحس فلا يطيق وقعها و لا يصبر على لذعها .

__ و تارة بما يشبه المناجاة الحبيبة ، و المسارة الودود ، التي تهفو لها المشاعر و تأنس لها القلوب .

__ و تارة بالهول المرعب ، و الصرخة المفزعة التي تفتح الأعين على الخطر الداهم القريب .

__ و تارة بالحقيقة في بساطة و نصاعة لا تدع مجالا للتلفت عنها و لا الجدال فيها .

__ و تارة الرجاء الصبوح والأمل الندي الذي يهتف لها و يناجيها .

__ و تارة يتخلل مساربها و دروبها و منحنياتها فيلقي عليها الأضواء التي تكشفها لذاتها فترى ما يجري في داخلها رأي العين ، و تخجل من بعضه ، وتكره بعضه ، و تتيقظ لحركاتها و انفعالاتها التي كانت غافلة عنها ..

و مئات من اللمسات ، و مئات من الهتافات ، و مئات من المؤثرات .. يطلع عليها قارئ القرآن وهو يتبع تلك المعركة الطويلة ، وذلك العلاج البطيء .

و يرى كيف انتصر القرآن على الجاهلية في تلك النفوس العصية العنيدة .



 


رد مع اقتباس