======== 90 ========
لقد كان في القرآن ذاته برهان أصدق من البراهين المادية التي كانوا يطلبونها من الرسول – صلى الله عليه و سلم - .
فإن هذا القرآن شاهد بذاته ، بتعبيره ثم بمحتوى هذا التعبير ، على أنه من عند الله ..
و هم لم يكونوا يجحدون الله .. و هم – على وجه التأكيد – كانوا يحسون ذلك و يعرفونه ..
كانوا يعرفون بحسهم اللغوي الأدبي الفني مدى الطاقة البشرية و يعرفون أن هذا القرآن فوق هذا المدى .
و كل من مارس فن القول يدرك إدراكاً واضحاً أن هذا القرآن فوق ما يملك البشر أن يبلغوا .
لا ينكر هذا إلا معاند يجد الحق في نفسه ثم يخفيه .
و العرب لم يكن يخفى عليهم الشعور بهذا في قرارة نفوسهم .
و أقوالهم ذاتها و أحوالهم تقرر أنهم ما كانوا شكون في أن هذا القرآن من عند الله .
======== 91 ========
فكل من بلغه هذا القرآن من الناس ، بلغة يفهمها ، و يحصل منها محتواه ، فقد قامت عليه الحجة به ، و بلغه الإنذار ، و حق عليه العذاب إن كذب بعد البلاغ ..
فأما من يحول عدم فهمه للغة القرآن دون فهمه لفحواه ، فلا تقوم عليه الحجة به ..
و يبقى إثمه على أهل هذا الدين الذين لم يبلغوه بلغته التي يفهم بها مضمون هذه الشهادة .. هذا إذا كان مضمون القرآن لم يترجم إلى لغته .
|