======== 102 ========
إن هذا القرآن .. بصائر تهدي ، و رحمة تفيض .. لمن يؤمن به و يغتنم هذا الخير العميم .
إنه هذا القرآن الذي لا تبلغ خارقة مادية من الإعجاز ما يبلغه .. من أي جانب من الجوانب شاء الناس المعجزة في أي زمان و في أي مكان ..
لا يستثني من ذلك من كان من الناس و من يكون إلى آخر الزمان ..
ها هو ذا كان و ما يزال إلى اليوم معجزاً لا يتطاول إليه أحد من البشر .
تحداهم الله به و ما يزال هذا التحدي قائماً .
و الذين يزاولون فن التعبير من البشر ، ويدركون مدى الطاقة البشرية فيه ، هم أعرف الناس بأن هذا الأداء القرآني معجز معجز .
و يبقى وراء ذلك السر المعجز في هذا الكتاب الفريد .. يبقى ذلك السلطان الذي له على الفطرة – متى خلي بينها و بينه لحظة – و حتى الذين رانت على قلوبهم الحجب ، و ثقل فوقها الركام ، تنتفض قلوبهم أحياناً ، و تتململ قلوبهم أحياناً تحت وطأة هذا السلطان ، و هم يستمعون إلى هذا القرآن .
======== 103 ========
لقد كان هذا القرآن هو مصدر المعرفة و التربية و التوجيه و التكوين الوحيد لجيل من البشر فريد ..
جيل لم يتكرر بعد في تاريخ البشرية – لا من قبل و لا من بعد – جيل الصحابة الكرام الذين أحدثوا في تاريخ البشرية ذلك الحدث الهائل العميق الممتد ، الذي لم يدرس حق دراسته إلى الآن .
لقد كان هذا المصدر هو الذي أنشأ – بمشيئة الله وقدره – هذه المعجزة المجسمة في عالم البشر .
و هي المعجزة التي لا تطاولها جميع المعجزات و الخوارق التي صحبت الرسالات جميعاً ..
و هي معجزة واقعة مشهودة ..
أن كان ذلك الجيل الفريد ظاهرة تاريخية فريدة .
إن الناس اليوم – في الجاهلية الحديثة – يطلبون حاجات نفوسهم و مجتمعاتهم و حياتهم خارج هذا القرآن ..
لأنه يحول بينهم و بين هذا القرآن غرور " العلم " البشري الذي فتحه الله عليهم في عالم المادة ..
كما يحول بينهم و بين هذا القرآن كيد أربعة عشر قرناً من الحقد اليهودي و الصليبي .
هو كيد مطرد مصرّ لئيم خبيث .
أن لا طاقة لهم بأهل هذا القرآن ما ضلوا عاكفين على هذا الكتاب ، عكوف الجيل الأول ، لا عكوف التغني بآياته و حياتهم كلها بعيدة عن توجيهاته .
|