لقاء في ستار بكس
كنت بالخارج برفقة أصدقائي وعندما عدت وفتحت حسابي على الفيس بوك وجدت رسالة خاصة من إحدى طالبات التخرج بقسم علم النفس (تعليم عن بعد) تطلب مني مساعدتها في بحث التخرج (استخراج النتائج باستخدام برنامج spss) وقد تبقى ثمانية أيام فقط على تسليم البحث وأنها على استعداد للقائي في أي مكان عام برفقة اثنتين من زميلاتها , ترددت قليلا فالأمر جديد علي إلا أنني لم أجد مبررا منطقيا واحدا يجعلني أتخلى عنهم ولا أقدم لهم المساعدة , وافقت وتم تحديد المكان والزمان حيث كان اللقاء في مقهى ستار بكس الشهير بمدينة جدة , ذهبت وكن في انتظاري وكنت قلقا وأشعر بآلام في المعدة فقد كان أمرا جديدا تماما وتحديا صعبا بالنسبة لي .
أكثر ما شجعني وأخافني في نفس الوقت هو نظرات الفتيات الثلاث والتي تشع أملا وإيمانا بأنني سأنقذهم وأنقذ بحثهم , قمت بدوري على قدر استطاعتي وشرحت لهم بكل أمانة ما يجب عليهم القيام به , وغادرت وأنا في قمة السعادة لأنني ساعدتهم وخضت تجربة جديدة تضاف إلى رصيد تجاربي في الحياة , وسعيدا أكثر بأن هنالك أشخاص مستعدون للوقوف في وجه تقاليد اجتماعية بالية ومتهالكة , وبعد بضعة أيام أخبروني أنهم توصلوا إلى نتائج البحث وأنهم بحاجة إلى مساعدة في تفسير النتائج وهو الأمر الذي توقعته منذ البداية , وعقدنا لقاء آخر استمر هذه المرة أربع ساعات متواصلة , وحين شاهدت التعب والإرهاق على وجوههم سألتهم : لماذا تقومون بكل ذلك ؟ لماذا لم تقدموه إلى مكتبة وينتهي الأمر ؟ فقالوا : بل نريد أن نتعلم , وأن نقدم بأيدينا بحثنا .
تذكرت حينها أيام تخرجي فقد كنت الوحيد بين تسعة عشر طالبا الذي قام ببحثه بنفسه , وانتهينا أخيرا من تفسير النتائج وانتظرت بخوف وقلق النتيجة النهائية وأخبروني بأنهم حصلوا على A+ وباركت لهم وشكرتهم تبليغي بالنتيجة ووعدتهم بكتابة مقال تخليدا لما حدث , فقد تحدوا كل شيء .. تحدوا عادات وتقاليد وثقافة مجتمع من أجل العلم والمعرفة فهنيئا لهم بما علموا وهنيئا لنا بما فعلوا .
لحظة تأمل :
من أجل العلم بذلت حياتي .. فالعلم أمانة وجب بذلها لمستحقيها
|