العبودية لله ....
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين .
===================================
======== { وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان .. } الأنفال .
إنه وصف موح .
إن العبودية لله هي حقيقة الإيمان ، و هي في الوقت ذاته أعلى مقام للإنسان يبلغ إليه بتكريم الله له ..
فهي تجلى و تذكر في المقام الذي يوكل فيه إلى رسول الله – صلى الله عليه و سلم – التبليغ عن الله ، كما يوكل إليه فيه التصرف فيما خوله الله .
و إنه لكذلك في واقع الحياة ، و إنه لكذلك مقام كريم ، أكرم مقام يرتفع إليه الإنسان .
======== إن العبودية لله وحده هي العاصم من العبودية للهوى ، و العاصم من العبودية للعباد ..
و ما يرتفع الإنسان إلى أعلى مقام مقدر له إلا حين يعتصم من العبودية لهواه كما يعتصم من العبودية لسواه .
إن الذين يستنكفون أن يكونوا عبيداً لله وحده ، يقعون من فورهم ضحايا لأحط العبوديات الأخرى .
يقعون من فورهم عبيداً لهواهم و لشهواتهم و نزواتهم و دفعاتهم ، فيفقدون من فورهم إرادتهم الضابطة التي خص الله بها نوع " الإنسان " من بين سائر الأنواع ..
و ينحدرون في سلم الدواب فإذا هم شر الدواب ، و إذا هم كالأنعام بل هم أضل ، و إذا هم أسفل سافلين بعد أن كانوا – كما خلقهم الله – في أحسن تقويم .
======== كذلك يقع الذين يستنكفون أن يكونوا عبيداً لله في شر العبوديات الأخرى و أحطها ..
يقعون في عبودية العبيد أمثالهم ، يصرفون حياتهم وفق هواهم و وفق ما يبدو لهم من نظريات و اتجاهات قصيرة النظر ، مشوبة بحب الاستعلاء ، كما هي مشوبة بالجهل و النقص و الهوى .
و يقعون في عبودية " الحتميات " التي يقال لهم : إنه لا قبل لهم بها ، و إنه لا بد من أن يخضعوا لها و لا يناقشوها ..
" حتمية التاريخ " .. و " حتميات الاقتصاد " .. و " حتمية التطور " .. و سائر الحتميات المادية التي تمرغ جبين الإنسان في الرغام و هو لا يملك ان يرفعه ، و لا أن يناقش – في عبوديته البائسة الذليلة – هذه الحتميات الجبارة المذلة المخيفة
|