======== 100 ========
فهذا القرآن هو من عناصر الحق .. الحق الأصيل .
و هو يكشف سنن الخالق و يوجه القلوب إليها ، و يكشف آياته في الأنفس و الآفاق و يستجيش القلوب لإدراكها ، و يكشف أسباب الهدى و الضلال ، و مصير الحق و الباطل ، و الخير و الشر و الصلاح و الطلاح .
فهو من مادة ذلك الحق و من وسائل كشفه و تبيانه .
و هو أصيل أصالة ذلك الحق الذي خلقت به السماوات و الأرض
ثابت ثبوت نواميس الوجود ، مرتبط بتلك النواميس .
و ليس أمراً عارضاً و لا ذاهباً .
إنما يبقى مؤثراً في توجيه الحياة و تصريفها و تحويلها ، مهما يكذب المكذبون ، و يستهزئ المستهزئون ، و يحاول المبطلون الذين يعتمدون على الباطل ، و هو عنصر طارئ زائل في هذا الوجود .
و من ثم فإن من أوتي هذه المثاني و هذا القرآن العظيم ، المستمد من الحق الأكبر ، المتصل بالحق الأكبر ، لا يمتد بصره و لا تتحرك نفسه لشيء زائل في هذه الأرض من أعراضها الزوائل .
و لا يحفل مصير أهل الضلال ، و لا يهمه شأنهم في كثير و لا قليل .
إنما يمضي في طريقه مع الحق الأصيل .
======== 101 ========
إن من معجزات هذا القرآن إنه يربط كل مشاهد الكون و كل خلجات النفس إلى عقيدة التوحيد .
و يحول كل ومضة في صفحة الكون أو في ضمير الإنسان إلى دليل أو إيحاء ..
و هكذا يستحيل الكون بكل ما فيه وبكل من فيه معرضاً لآيات الله تبدع فيه يد القدرة ، و تتجلى آثارها في كل مشهد فيه و منظر ، و في كل صورة فيه و ظل ..
إنه لا يعرض قضية الألوهية و العبودية في جدل ذهني و لا في لاهوت تجريدي و لا في فلسفة " ميتافيزيقية " ذلك العرض الميت الجاف الذي لا يمس القلب البشري ولا يؤثر فيه و لا يوحي إليه ..
إنما هو يعرض هذه القضية في مجال المؤثرات و الموحيات و الواقعية من مشاهد الكون ، و مجالي الخلق ، و لمسات الفطرة و بديهيات الإدراك .
في جمال و روعة و تناسق .
|