======== 110 ========
و ما من شك أن هذا القرآن جاء رحمة للعالمين .
رحمة لمن آمنوا به و اتبعوه ورحمة كذلك لغيرهم .
لا من الناس وحدهم ، و لكن للأحياء جميعاً .
فقد سن منهجاً و رسم خطة تقوم على الخير للجميع .
و أثر في حياة البشرية ، و تصوراتها ، و مدركاتها ، و خط سيرها ، و لم يقتصر في هذا على المؤمنين به إنما كان ُتأثيره عالمياً و مطرداً مند أن جاء للعالمين .
و الذين يتتبعون التاريخ البشري بإنصاف و دقة ، و يتتبعونه في معناه الإنساني العام ، الشامل لجميع أوجه النشاط الإنساني يدركون هذه الحقيقة ، و يطمئنون إليها .
و كثيرون منهم قد سجلوا هذا و اعترفوا به في وضوح .
و قام هذا القرآن يؤدي وظيفته .
" بشيراً و نذيراً "
يبشر المؤمنين العاملين ، و ينذر المكذبين المسيئين ..
و يبين أسباب البشرى و أسباب الإنذار بأسلوبه العربي المبين لقوم لغتهم العربية .
و لكن أكثرهم مع هذا لم يقبل و يستجيب .
======== 111 ========
و المتدبر لهذا القرآن يجد فيه ذلك الحق الذي نزل به ، و الذي نزل ليقره .
يجده في روحه ، ويجده في نصه ، و يجده في بساطة و يسر .
حقاً مطمئناً فطرياً ، يخاطب أعماق الفطرة ، و يطبعها و يؤثر فيها التأثير العجيب .
و هو " تنزيل من حكيم حميد " ..
و الحكمة ظاهرة في بنائه ، و في توجيهه ، و في طريقة نزوله و في علاجه للقلب البشري من أقصر طريق .
و الله الذي نزله خليق بالحمد .
و في القرآن ما يستجيش القلب لحمده الكثير .
هذا القرآن هدى للمؤمنين و شفاء ، فقلوب المؤمنين هي التي تدرك طبيعته و حقيقته ، فتهتدي به و تشتفي .
فأما الذين لا يؤمنون فقلوبهم مطموسة لا تخالطها بشاشة هذا القرآن ، فهو وقر في آذانهم و عمىً قي قلوبهم .
و هم لا يتبينون شيئاً لأنهم بعيدون جداً عن طبيعة هذا القرآن و هواتفه .
فناس يفعل هذا القرآن في نفوسهم فينشئها إنشاء ، و يحييها إحياء ، و يصنع بها و منها العظائم في ذاتها و فيما حولها .
و ناس يثقل هذا القرآن على آذانهم و على قلوبهم ، ولا يزيدهم إلا صماً و عمى .
و ما تغير القرآن .
و لكن تغيرت القلوب .
و صدق الله العظيم .
|