منتديات أعز الناس - عرض مشاركة واحدة

08-05-2016, 01:23 AM

انتحار أو ميلاد ( ج 1)

لقد اعتادت أن تحتل ذات المكان قبالة البحر يوميا لتشهد لحظة الغروب ترمق قرص الشمس وهو يغوص رويدا رويدا في الماء , ترمقه بعينين متشبثتين بقرص الشمس وكأنها تمسك بآخر خيط من أشعتها لترجوها ان لا تغيب.
شدني هذا المشهد وجعلني احرص على الخروج للبحر هذا الوقت لاراقب ذلك , حاولت ان اسالها ما هذا العشق للحظة الغروب لكني لم اجرؤ على كسر روعة المنظر رغم ان هناك شيء بداخلي يدفعني لسؤالها .
ذات يوم اعترضت طريقها بطريقة حرصت ان تكون عفوية , ولما حانت لي التفاته لمحت دمعة ترقرقت من محجرها لتستقر على خدها حاولت جاهدة ان تمسحها كي لا الحظها واوهمتها اني لم الحظ ذلك , القيت عليها تحية المساء فردتها بصوت مخملي ساحر , انا جارك في هذا الموقع , بادرتها بالكلام هل تسمحين ان نتجاذب اطراف الحديت حتى يصل كل منا الى وجهته؟ رحبت بذلك بادب قلت لها : الحقيقة ان ولعك بلحظة الغروب وحرصك على حضورها يوميا شد انتباهي , اجابت انا لا اشهد الغروب ولكني اشهد انتحار النهار .
هزني ذلك الجواب بشدة وملأني استغرابا وقبل ان افيق اكملت : لا تستغرب فان غروب الشمس يعني لدي انتهاء النهار وان الشمس تنتحر بان تلقي بنفسها في البحر وهو مشهد حزين يبكيني فانا لا احب الليل بل اخافه , قاطعتها قائلا : تقصدين الظلمة اناس كثيرون يخافون الظلام , اجابت : كلا لا اخاف الظلام ولكن اخاف الغموض فالليل غموض والنهار وضوح والليل ثقيل يجلب الهموم بعكس النهار حيث الكل ينشغل عن همومه , قلت لها انا عكسك الغروب يمثل لي ميلاد ليلة جديدة هل لا حظتي كيف يكون التناقض الكوني فميلاد لحظة يعني انتحار اللتي قبلها والحدث واحد اكملت : انا اعشق الليل لانه مجال رحب لخلوة النفس وشاعريتها الكل يتغزل في القمر فهل رأيتي من يتغزل في الشمس؟ قاطعتني قائلة : ولكنه مجال لاجترار الهموم أجبتها ان عقولنا تكيفت على استدعاء ما نرغب نحن في استدعائه والليل مجال نشط لحث العقول , جربي مرة ان تستدعي ذكرياتك الجميلة ولحظاتك السعيدة فسترين وقتها ان الليل صديق , قالت فكرة تستحق التجربة قالتها وقد وصلنا الى نهاية الطريق , ودعتها على أمل أن نلتقي لحظة انتحار يوم الغد كما قالت . .........

يتبع