======== 118 ========
إن القرآن - و هو ينشيء هذه الأمة و ينشئها – و هو يخرجها إلى الوجود إخراجاً .
كما قال الله تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس }
إن القرآن وهو ينشيء هذه الأمة من حيث لم تكن ، و ينشئها لتصبح أمة فريدة في تاريخ البشر ..
فقد كانت - على التحقيق – إنشاء وتنشئة ، كانت ميلاداً جديداً للأمة ، بل ميلاداً جديداً " للإنسان " في صورة جديدة ..
و لم تكن مرحلة في طريق النشأة ، و لا خطوة في سبيل التطور و لا حتى وثبة من وثبات النهضة ..
إنما كانت – على وجه التحديد – " نشأة " و " ميلاداً " للأمة العربية و للإنسان كله .
فبسبب من هذا القرآن ذكرت هذه الأمة في الأرض ، و كان لها دورها في التاريخ ، و كان لها " وجود إنساني " ابتداء ، و حضارة عالمية ثانياً.
إن القرآن حين كان ينشئ هذه الأمة و ينشئها .. و يخطط و يثبت ملامح الإسلام الجديدة في الجماعة المسلمة – التي التقطها من سفح الجاهلية – و يطمس و يمحو ملامح الجاهلية في حياتها و نفوسها و رواسبها ، و ينظم مجتمعها ..
حين كان القرآن يصنع ذلك كله ..
كان يبدأ فيقيم للجماعة المسلمة تصورها الصحيح ببيان شرط الإيمان و حدّ الإسلام ..
و يربط بهذا التصور – قي هذه النقطة بذات – نظامها الأساسي الذي يميز وجودها من وجود الجاهلية حولها ، و يفردها بخصائص الأمة التي أخرجت للناس ، لتبين للناس ، و تقودهم إلى الله .. نظامها الرباني .
|