======== 123 ========
" ألف .. لام .. ميم .. " .. الخ ..
هذه الأحرف التي يعرفها العرب المخاطبون بهذا القرآن ، و يعرفون ما يملكون أن يصوغوا منها و من نظائرها من كلام ، و يدركون الفارق الهائل بين ما يملكون أن يصوغوه منها و بين هذا القرآن ..
و هو فارق يدركه كل خبير بالقول ، و كل من يمارس التعبير باللفظ عن المعاني و الأفكار .
كما يدرك أن في النصوص القرآنية قوة خفية ، و عنصرا مستكنا ، يجعل لها سلطانا و إيقاعا في القلب و الحس ليسا لسائر القول المؤلف من أحرف اللغة ، مما يقوله البشر في جميع الأعصار .
و هي ظاهرة ملحوظة لا سبيل إلى الجدال فيها ، لأن السامع يدركها ، و يميزها ، و يهتز لها ، من بين سائر القول ، و لو لم يعلم سلفا أن هذا قرآن ..
و التجارب الكثيرة تؤكد هذه الظاهرة في شتى أوساط الناس .
و الفارق بين القرآن و ما يصوغوه البشر من هذه الحروف ن كلام ، هو كالفارق بين صنعة الله و صنعة البشر في سائر الأشياء .
صنعة الله واضحة مميزة لا تبلغ إليها صنعة البشر في أصغر الأشياء ..
و كذلك صنع الله في القرآن و صنع البشر فيما يصوغون من هذه الحروف من كلام .
و إن الكيان الإنساني ليهتز و يرتجف و لا يتماسك أمام هذا القرآن ، كلما تفتح القلب ، و صفا الحس ، و ارتفع الإدراك ، و ارتفعت حساسية التلقي و الاستجابة .
و إن هذه الظاهرة لتزداد وضوحا كلما اتسعت ثقافة الإنسان ، و معرفته بهذا الكون و ما فيه و من فيه .
|