و حين تستقر هذه الصورة في قلب بشري ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد - صلى الله عليه و سلم -
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين . .==================================
======== {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها و ما يمسك فلا مرسل له من بعده و هو العزيز الحكيم } فاطر .
هذه صورة من صور قدرة الله .
و حين تستقر هذه الصورة في قلب بشري يتم فيه تحويل كامل في تصوراته و مشاعره و اتجاهاته و موازينه و قيمه في هذه الحياة جميعا .
إنها تقطعه عن شبهة كل قوة في السماوات و الأرض و تصله بقوة الله .
و تيئسه من مظنة كل رحمة في السماوات و الأرض و تصله برحمة الله .
و توصد أمامه كل باب في السماوات و الأرض و تفتح أمامه باب الله .
و تغلق في وجهه كل طريق في السماوات و الأرض و تشرع له طريق إلى الله .
======== و رحمة الله تتمثل في مظاهر لا يحصيها العد ، و يعجز الإنسان عن مجرد ملاحقتها و تسجيلها في ذات نفسه و تكوينه ، و تكريمه بما كرمه ، و فيما سخر له من حوله و من فوقه و من تحته ، و فيما أنعم به عليه مما يعلمه و مما لا يعلمه و هو كثير .
و رحمة الله تتمثل في الممنوع تمثلها في الممنوح .
و يجدها من يفتحها الله له في كل شيء ،و في كل وضع ، و في كل حال ، و في كل مكان .
يجدها في نفسه و في مشاعره ، و فيما حوله ، و حيثما كان ، و كيفما كان .
======== وما من نعمة – يمسك الله معها رحمته – حتى تنقلب هي بذاتها نقمة .
و ما من محنة – تحفها رحمة الله – حتى تكون هي بذاتها نعمة
و لا ضيق مع رحمة الله . إنما الضيق في إمساكها دون سواه .. لا ضيق و لو كان صاحبها في غياهب السجن ، أو في جحيم العذاب ..
و لا وسعة مع إمساكها و لو تقلب الإنسان في أعطاف النعيم ، و في مراتع الرخاء .
فمن داخل النفس برحمة الله تتفجّر ينابيع السعادة و الرضا و الطمأنينة ..
و من داخل النفس مع إمساكها تدب عقارب القلق و التعب و النصب و الكد و المعاناة .
======== ينام الإنسان على الشوك – مع رحمة الله – فإذا هو مهاد ..
و ينام على الحرير – و قد أمسكت عنه – فإذا هو شوك القتاد ..
و يعالج أعسر الأمور – برحمة الله – فإذا هي هوادة و يسر ..
و يعالج أيسر الأمور – و قد تخلت رحمة الله – فإذا هي مشقة و عسر ..
و يخوض بها المخاوف و الأخطار فإذا هي أمن و سلام ..
و يعبر بدونها المناهج و المسالك فإذا هي مهلكة و بوار .
|