07-03-2022, 09:52 AM | #1 |
| عضو متألق |
|
و بالوالدين إحسانا ...
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد - صلى الله عليه و سلم - المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين . .================================= ======== {و بالوالدين إحسانا .. } الإسراء. بهذه العبارة الندية ، و الصورة الموحية ، يستجيش القرآن الكريم وجدان البر و الرحمة في قلوب الأبناء . ذلك أن الحياة و هي مندفعة في طريقها بالأحياء ، توجه اهتمامهم القوي إلى الأمام . إلى الذرية ، إلى الناشئة الجديدة ، إلى الجيل المقبل. و قلما توجه اهتمامهم إلى الوراء . إلى الأبوة ، إلى الحياة المولية ، إلى الجيل الذاهب . و من ثم تحتاج البنوة إلى اشتجاشة وجدانها بقوة لتنعطف إلى الخلف ، و تتلفت إلى الآباء و الأمهات . إن الوالدين يندفعان بالفطرة إلى رعاية الأولاد ، إلى التضحية بكل شيء حتى بالذات . و كما تمتص النابتة الخضراء كل غداء في الحبة فإذا هي فتات و يمتص الفرخ كل غداء في البيضة فإذا هي قشر ، كذلك يمتص الأولاد كل رحيق و كل عافية و كل جهد و كل اهتمام من الوالدين فإذا هما شيخوخة فانية – إن أمهلهما الأجل – و هما مع ذلك سعيدان . فأما الأولاد فسرعان ما ينسون هذا كله ، و يندفعون بدورهم إلى الأمام . إلى الزوجات و الذرية . و هكذا تندفع الحياة . و من ثم لا يحتاج الآباء إلى توصية بالأبناء ، إنما يحتاج هؤلاء إلى استجاشة وجدانهم بقوة ليذكروا واجب الجيل الذي أنفق رحيقه كله حتى أدركه الجفاف . و هما يجيء الأمر بالإحسان إلى الوالدين في صورة قضاء من الله يحمل معنى الأمر المؤكد ، بعد الأمر المؤكد بعبادة الله . ======== { إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما .. } و الكبر له جلاله ، و ضعف الكبر له إيحاؤه . و كلمة " عندك " تصور معنى الالتجاء و الاحتماء في حالة الكبر و الضعف . ======== { فلا تقل لهما أف و لا تنهرها .. } و هي أول مرتبة من مراتب الرعاية و الأدب ألا يند من الولد ما يدل على الضجر و الضيق ، و ما يشي بالإهانة و سوء الأدب . ======== { و قل لهما قولا كريما .. } و هي مرتبة أعلى إيجابية أن يكون كلامه لهما يشي بالإكرام و الاحترام . ======== { و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة .. } و هنا يشف التعبير و يلطف ، و يبلغ شغاف القلب و حنايا الوجدان . فهي الرحمة ترق و تلطف حتى لكأنها الذل الذي لا يرفع عينا ، و لا يرفض أمرا ، و كأنما للذل جناح يخفضه إيذانا بالسلام و الاستسلام . ======== { و قل ربي أرحمهما كما ربياني صغيرا } فهي الذكرى الحانية . ذكرى الطفولة الضعيفة يرعاها الولدان ، و هما اليوم في مثلها من الضعف و الحاجة و الرعاية و الحنان . و هو التوجه إلى الله أن يرحمهما . فرحمة الله أوسع ، و رعاية الله أشمل ، و جناب الله أرحب . و هو أقدر على جزائهما بما بذل من دمهما و قلبهما مما لا يقدر على جزائه الأبناء . |
|
|
|