01-21-2020, 10:06 AM | #31 |
| عضو متألق |
|
======== 54 ========
و هذا القرآن يفصل كتاب الله و يبين وسائل الخير الذي جاء به ، و وسائل تحقيقه و صيانته . فالعقيدة في الله واحدة ، و الدعوة إلى الخير واحدة . و لكن صورة هذا الخير فيها تفصيل ، و التشريع الذي يحققه فيه تفصيل يناسب نمو البشرية وقتها و تطورات البشرية بعدها ، بعد أن بلغت سن الرشد فخوطبت بالقرآن خطاب الراشدين ، و لم تخاطب بالخوارق المادية التي لا سبيل فيها للعقل و التفكير . ======== 55 ======== إن هذا القرآن يخاطب الكينونة البشرية بجملتها .. فلا يخاطب ذهنها المجرد مرة .. و قلبها الشاعر مرة .. و حسها المتوفز مرة .. و لكنه يخاطبها جملة ، و يخاطبها من أقصر طريق ، و يطرق كل أجهزة الاستقبال و التلقي فيها مرة واحدة كلما خاطبها . و ينشئ فيها بهذا الخطاب تصورات و تأثرات و انطباعات لحقائق الوجود كلها . لا تملك وسيلة أخرى من الوسائل التي زاولها البشر في تاريخهم كله أن تنشئها بهذا العمق ، و بهذا الشمول ، و بهذه الدقة و هذا الوضوح ، و بهذه الطريقة و هذا الأسلوب أيضا . |
|
02-01-2020, 10:10 AM | #32 |
| عضو متألق |
|
======== 56 ========
.فقد جاء القرآن بالتوحيد ، و سلك إلى تقرير هذه العقيدة و إيضاحها طرقا شتى ، و أساليب متنوعة ، و وسائل متعددة " ليذكروا " فالتوحيد لا يحتاج إلى أكثر من التذكر و الرجوع إلى الفطرة و منطقها .. و إلى الآيات الكونية و دلالتها . ======== 57 ======== إن معجزة الإسلام هي القرآن . و هو كتاب يرسم منهجا كاملا للحياة . و يخاطب الفكر و القلب ، و يلبي الفطرة القويمة . و يبقى مفتوحا للأجيال المتتابعة تقرؤه و تؤمن به إلى يوم القيامة . كتابا مفتوحا لجيل محمد – صلى الله عليه و سلم – فآمن به من لم يشهد الرسول – صلى الله عليه و سلم – و عصره و صحابته . إنما قرأ القرآن أو صاحب من قرأه . و سيبقى مفتوحا يهتدي به من هم في ضمير الغيب . و قد يكون من هو أشد إيمانا و أصلح عملا ، و أنفع للإسلام من كثير من سبقوه . |
|
02-05-2020, 10:01 AM | #33 |
| عضو متألق |
|
======== 58 ========
و القرآن يوجه الإنسان إلى النظر فيما حوله من صنع الله ، و إلى ما حوله من خلق الله في السماوات و الأرض و هم يسبحون بحمده و تقواه .. و يوجه بصره و قلبه خاصة إلى مشهد في كل يوم يراه ، فلا يثير انتباهه و لا يحرك قلبه لطول ما يراه . ======== 59 ======== و القرآن يجدد حسّنا الخامد ، و يوقظ حواسنا الملول . و يلمس قلبنا البارد . و يثير وجداننا الكليل . لنرتاد هذا الكون دائما كما ارتدناه أول مرة . نقف أمام كل ظاهرة نتأملها ، و نسألها عما وراءها من سر دفين و من سحر مكنون . و نرقب يد الله تفعل فعلها في كل شيء من حولنا ، و نتدبر حكمته في صنعته ، و نعتبر بآياته المبثوثة في تضاعيف الوجود . |
|
02-13-2020, 09:49 AM | #34 |
| عضو متألق |
|
======== 60 ========
و الروح الأمين جبريل – عليه السلام – نزل بهذا القرآن من عند الله على قلب رسول الله – صلى الله عليه و سلم – و هو أمين على ما نزل به ، حفيظ عليه ، نزل به على قلبه فتلقاه تلقيا مباشرا ، و وعاه وعيا مباشرا . نزل به على قلبه ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين . هو لسان قومه الذي يدعوهم به ، و يتلو عليهم القرآن . و هم يعرفون مدى ما يملك البشر أن يقولوا ، و يدركون أن هذا القرآن ليس من جنس كلام البشر ، و إن كان بلغتهم .. و أنه بنظمه ، و بمعانيه ، و بمنهجه ، و بتناسقه . يشي بأنه آت من مصدر غير بشري بيقين . ======== 61 ======== و القرآن الكريم يتتبع مواضع شبهات المشركين حتى الساذج الطفولي منها . فرسول الله – صلى الله عليه و سلم – عاش بينهم فترة طويلة من حياته لا يقرأ و لا يكتب ، ثم جاءهم بهذا الكتاب العجيب الذي يعجز القارئين الكاتبين . و لربما كانت تكون لهم شبهة لو أنه كان من قبل قارئا كاتبا . فما شبهتهم و هذا ماضيه بينهم ؟ فهذا القرآن يشهد بذاته على أنه ليس من صنع البشر .. فهو أكبر جدا من طاقة البشر و معرفة البشر و آفاق البشر . و الحق الذي فيه ذو طبيعة مطلقة كالحق الذي في هذا الكون . و كل وقفة أمام نصوصه توحي للقلب بأن وراءه قوة ، و بأن في عباراته سلطانا لا يصدران عن بشر . |
|
02-19-2020, 09:50 AM | #35 |
| عضو متألق |
|
======== 62 ========
و كان القرآن الكريم يتنزل في إبان الابتلاء أو بعد انقضائه يصور الأحداث ، و يلقي الأضواء على منحنياته و زواياه ، فتنكشف المواقف و المشاعر ، و النوايا و الضمائر . ثم يخاطب القلوب و هي مكشوفة في النور ، عارية من كل رداء و ستار . و يلمس فيها مواضع التأثر و الاستجابة ، و يربيها يوما بعد يوم ، و حادثا بعد حادث ، و يرتب تأثراتها و استجاباتها وفق منهجه الذي يريد . من ذلك كله ندرك كيف كان الله يربي هذه الأمة بالأحداث و القرآن في آن . ======== 63 ======== إن طبيعة هذا القرآن لتحتوي على قوة خارقة نافذة ، يحسها كل من له ذوق و بصر و إدراك للكلام ، و استعداد لإدراك ما يوجه إليه و يوحى به . و لقد صنع هذا القرآن في النفوس التي تلقته و تكيفت به أكثر يرمن تسيير الجبال و تقطيع الأرض و إحياء الموتى . لقد صنع في هذه النفوس و بهذه النفوس خوارق أضخم و أبعد آثارا في أقدار الحياة ، بل أبعد أثرا في شكل الأرض ذاته فكم غير الإسلام و المسلمون من وجه الأرض ، إلى جانب ما غيروا من وجه التاريخ . |
|
02-24-2020, 09:28 AM | #36 |
| عضو متألق |
|
======== 64 ========
و هذا القرآن ينبغي أن يكون هو كتاب هذه الدعوة الذي يعتمد عليه الدعاة إلى الله قبل الاتجاه إلى أي مصدر سواه . و الذي ينبغي لهم بعد ذلك أن يتعلموا منه كيف يدعون الناس ، و كيف يوقظون القلوب الغافية ، و كيف يحيون الأرواح الخامدة إن الذي أوحى بهذا القرآن هو الله ، خالق هذا الإنسان ، العليم بطبيعة تكوينه ، الخبير بدروب نفسه و منحنياتها . و على الدعاة أن يسلكوا إلى القلوب طريق القرآن في تعريف الناس بربهم الحق . ======== 65 ======= و لقد جاء هذا القرآن ليجلي الحقيقة كاملة عن طبيعة النبوة و طبيعة النبي ، و عن طبيعة الرسالة و طبيعة الرسول .. و عن حقيقة الألوهية المتمثلة في الله وحده – سبحانه – و حقيقة العبودية التي تشمل كل ما خلق الله و كل من خلق و منهم أنبياء الله و رسله فهم عباد صالحون و ليسوا خلقا آخر غير البشر ، و ليس لهم من خصائص الألوهية شيء .. و ليسوا على اتصال بعوالم الجن و الخفاء المسحور . إنما هو الوحي من الله – سبحانه – فهم بشر من البشر وقع عليهم الاختيار و بقيت لهم بشريتهم و عبوديتهم لله – سبحانه – كبقية خلق الله . |
|
03-02-2020, 09:53 AM | #37 |
| عضو متألق |
|
======== 66 ========
أنزل الله القرآن في ليلة مباركة للإنذار و التحذير . فالله يعلم غفلة هذا الإنسان و نسيانه و حاجته إلى الإنذار و التنبيه . و مضى ذلك الجيل و بقي بعده القرآن كتابا مفتوحا موصولا بالقلب البشري ، يصنع به حين يتفتح له ما لا يصنعه السحر ، و يحول مشاعره بصورة تحسب أحيانا في الأساطير . و بقي هذا القرآن منهجا واضحا كاملا صالحا لإنشاء حياة إنسانية نموذجية في كل بيئة و في كل زمان . حياة إنسانية تعيش في بيئتها و زمانها في نطاق ذلك المنهج الإلهي المتميز الطابع بكل خصائصه دون تحريف . و هذه سمة المنهج الإلهي وحده . و هي سمة كل ما يخرج من يد القدرة الإلهية . ======== 67 ======== و القرآن وحي الله – سبحانه و تعالى – جعله في صورته هذه اللفظية عربيا ، حين اختار العرب لحمل هذه الرسالة لما يعلمه من صلاحية هذه الأمة و هذا اللسان لحمل هذه الرسالة و نقلها و الله أعلم حيث يجعل رسالته . و هذا القرآن " عليّ " .. " حكيم " و هما صفتان تخلعان عليه ظل الحياة العاقلة . و إنه لكذلك .. و كأنما فيه روح . روح ذات سمات و خصائص تتجاوب مع الأرواح التي تلامسها . و هو في علوه و في حكمته يشرف على البشرية و يهديها و يقودها وفق طبيعته و خصائصه . و ينشئ في مداركها و في حياتها تلك القيم و التصورات و الحقائق التي تنطبق عليها هاتان الصفتان : عليّ . حكيم . |
|
03-07-2020, 09:48 AM | #38 |
| عضو متألق |
|
======== 68 ========
و دلائل الحق واضحة في هذا القرآن . واضحة في صلبه . فهو الترجمة الصحيحة لهذا الكون في حقيقته .. أو هو الصفحة المقروءة و الكون هو الصفحة الصامتة . و هو مصدق لما قبله من الكتب الصادرة من مصدره . و الحق واحد لا يتعدد فيها و فيه . ومنزله نزله للناس و هو على علم بهم ، و خبرة بما يصلح لهم و يصلحهم . إن الله بعباده لخبير بصير . هذا هو القرآن في ذاته . و قد أورته الله لهذه الأمة المسلمة ، اصطفاها لهذه الوراثة . ======== 69 ======== هذا القرآن المتناسق الذي لا اختلاف في طبيعته و لا في اتجاهاته ، و لا في روحه ، و لا في خصائصه . فهو " متشابه " و " مثاني " تتكرر مقاطعه و قصصه و توجيهاته و مشاهده . و لكنها لا تختلف و لا تتعارض ، إنما تعاد في مواضع متعددة وفق حكمة تتحقق في الإعادة و التكرار في تناسق و في استقرار على أصول ثابتة متشابهة . لا تعارض فيها و لا اصطدام . |
|
03-11-2020, 09:15 AM | #39 |
| عضو متألق |
|
======== 70 ========
إن في هذا القرآن سرا خاصا يشعر به كل من يواجه نصوصه ابتداء ، قبل أن يبحث عن مواضع الإعجاز فيها . إنه يشعر بسلطان خاص في عبارات هذا القرآن . يشعر أن هناك شيئا ما وراء المعاني التي يدركها العقل من التعبير . و أن هنالك عنصرا ما ينسكب في الحس بمجرد الاستماع لهذا القرآن . يدركه بعض الناس واضحا و يدركه بعض الناس غامضا و لكنه على كل حال موجود . هذا العنصر يصعب تحديد مصدره : أهو العبارة ذاتها ؟ أهو المعنى الكامن فيها ؟ أهو الصور و الظلال التي تشعها ؟ أهو الإيقاع القرآني الخاص المتميز من إيقاع سائر القول المصوغ من اللغة ؟ أهي هذه العناصر كلها مجتمعة ؟ أم إنها هي و شيء آخر وراءها غير محدود ؟ . ======== 71 ======== و هذا هو القرآن حاضرا ، سهل التناول ، ميسر الإدراك ، فيه جاذبية ليقرأ و يتدبر . فيه جاذبية الصدق و البساطة ، و موافقة الفطرة ، و استجاشة الطبع .. لا تنفد عجائبه ، و لا يخلق على كثرة الرد . و كلما تدبره القلب عاد منه بزاد جديد . و كلما صحبته النفس زادت له ألفة و به أنسا . |
|
03-17-2020, 08:59 AM | #40 |
| عضو متألق |
|
======== 72 ========
و لقد سلك القرآن شتى السبل ، و اتبع شتى الأساليب ، ليواجه شكوك القلب البشري و انحرافاته و آفاته .. و يأخذ عليها المسالك ، و يعالجها بكل أسلوب . و في أساليب القرآن المتنوعة زاد للدعوة و الدعاة إلى هذا الدين .. و مع اليقين الجازم بأن هذا القرآن من عند الله فقد استخدم أسلوب التشكيك لا أسلوب الجزم للغرض الذي أسلفنا . و هو واحد من أساليب الإقناع في بعض الأحوال . ======== 73 ======== إن هذا القرآن يجعل من مألوفات البشر و حوادثهم المكرورة قضايا كونية كبرى ، يكشف فيها عن النواميس الإلهية في الوجود .. و ينشئ بها عقيدة ضخمة شاملة و تصورا كاملا لهذا الوجود . كما يجعل منها منهجا للنظر و التفكير ، وحياة للأرواح و القلوب و يقظة في المشاعر و الحواس . يقظة لظواهر هذا الوجود التي تطالع الناس صباح مساء و هم غافلون عنها .. و يقظة لأنفسهم و ما يجري من العجائب و الخوارق فيها . |
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هذا هو الإسلام ... يتبع . | ناصح أمين | نفحات إسلامية | 45 | 11-22-2022 12:23 PM |
علم القرآن .... | ناصح أمين | نفحات إسلامية | 3 | 05-31-2020 05:57 AM |
لقد جاء هذا القرآن ... | ناصح أمين | نفحات إسلامية | 0 | 04-02-2020 08:54 AM |
من هو المحروم ؟ ... يتبع | ناصح أمين | نفحات إسلامية | 16 | 10-04-2018 12:40 PM |
إعجازات القرآن | مجبورة | نفحات إسلامية | 4 | 05-14-2017 08:39 AM |