فضيلة
08-25-2018, 04:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا عدة طلاق المرأة ثلاثة أشهر، وعدة الأرملة أربعة أشهر وعشرة ايام
فرض الله تعالى العدة على المطلّقات ، والمتوفّى عنهنّ أزواجهنّ بقوله تعالى :
(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) البقرة/228 ،
وقوله سبحانه : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ
بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) البقرة/234 .
والواجب على المسلم السّمع والطّاعة ، والتّسليم لنصوص الوحي
، والأحكام الشّرعيّة ، وإن لم يعرف الحكمة منها ، قال الله تعالى :
(فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا
يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء/65
، وقال سبحانه وتعالى : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى
اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ) النور/51 ، وقال تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ
إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) الأحزاب/36 .
وهذا لا يمنع من ذكر العلّة للأحكام ، وقد ذكر أهل العلم رحمهم
الله للعدّة عللاً منها :
1- التّعبّد بامتثال أمر الله عزّ وجلّ حيث أمر بها النّساء المؤمنات .
2- معرفة براءة الرّحم حتى لا تختلط الأنساب بعضها ببعض .
3- تهيئة فرصة للزّوجين في الطّلاق ؛ لإعادة الحياة الزّوجيّة عن طريق المراجعة .
4- التّنويه بفخامة أمر النّكاح ؛ حيث لا يتمّ الطلاق إلاّ
بانتظار طويل ، ولولا ذلك لأصبح النكاح بمنزلة لعب الصّبيان ،
يتمّ ثمّ ينفكّ في السّاعة .
5- إظهار الحزن والتّفجّع على الزّوج بعد الوفاة ؛ اعترافاً
بالفضل والجميل .
وزادت عدّة المتوفّى عنها زوجها لما يلي :
1- إنّ الفراق لمّا كان في الوفاة أعظم ؛ لأنّه لم يكن باختيار ، كانت مدّة الوفاء له أطول.
2- إنّ العدّة في المتوفّى عنها زوجها أنيطت بالأمد الذي
يتحرّك فيه الجنين تحرّكاً بيّناً ؛ محافظة على أنساب الأموات ،
ففي الطّلاق جعل ما يدلّ على براءة الرّحم دلالة ظنيّة ؛ لأنّ
المطلّق يعلم حال مطلّقته من طهر وعدمه ، ومن قربانه إيّاها
قبل الطّلاق وعدمه ، بخلاف الميت . وزيدت العشرة الأيام على
أربعة الأشهر ؛ لتحقّق تحرّك الجنين احتياطاً ؛ لاختلاف حركات
الأجنّة قوّة وضعفاً .
3- إنّ ما يحصل من الحزن والكآبة عظيم ، يمتدّ إلى أكثر
من مدّة ثلاثة قروء ، فبراءة الرّحم إن كانت تعرف في هذه المدّة
، فإنّ براءة النّفس من الحزن والكآبة تحتاج إلى مدّة أكثر منها .
4- إنّ تعجّل المرأة المتوفّى عنها زوجها بالزّواج ممّا يسيء
أهل الزّوج ، ويفضي إلى الخوض في المرأة بالنّسبة إلى ما
ينبغي أن تكون عليه من عدم التهافت على الزّواج ، وما يليق
بها من الوفاء للزّوج ، والحزن عليه .
5- إنّ المطلقة إذا أتت بولد يمكن للزّوج تكذيبها ونفيه
باللّعان ، وهذا ممتنع في حق الميت ، فلا يؤمن أن تأتي بولد
فيلحق الميتَ نسبُه ، فاحتيط بإيجاب العدة على المتوفّى عنها زوجها
ثمّ هذه المدّة قليلة بالنسبة للمدّة التي كانت المتوفّى عنها
زوجها تمكث فيها في الجاهليّة . قال الشّيخ ابن عثيمين في
"الشرح الممتع على زاد المستقنع" (13 / 348-349) :
"والحكمة في أنها أربعة أشهر وعشر ـ والله أعلم ـ أنها حماية
لحق الزوج الأول ، ولهذا لما عظم حق الرسول عليه الصلاة
والسلام صارت نساؤه حراماً على الأمة كل الحياة ، أما غيره
فيكتفى بأربعة أشهر وعشرة أيام ، ولماذا كانت أربعة أشهر وعشرة ؟
الجواب: أن الأربعة ثلث الحول ، والعشرة ثلث الشهر ، وقد جاء
في الحديث : (الثلث والثلث كثير) ، وكانت النساء في الجاهلية
يبقين في العدة سنة في أكره بيت ، يضعون لها خباء صغيراً في
البيت ، وتقعد به بالليل والنهار ، ولا تغتسل ولا تتنظف ، وتبقى
سنة كاملة ، يمر عليها الصيف والشتاء ، فإذا خرجت أَتَوْا لها
بعصفور أو دجاجة أو غير ذلك لتتمسح به ، ثم تخرج من هذا
الخباء المنتن الخبيث ، وتأخذ بعرة من الأرض وترمي بها ،
كأنها تقول بلسان الحال : كل الذي مَرَّ عليَّ ما يساوي هذه
البعرة ! لكن الإسلام ـ الحمد لله ـ جاء بهذه المدة الوجيزة ،
أربعة أشهر وعشرة أيام ، ثم مع ذلك هل منعها من التنظف ؟ لا ،
تتنظف كما شاءت ، وتلبس ما شاءت غير أن لا تتبرج بزينة" انتهى .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا عدة طلاق المرأة ثلاثة أشهر، وعدة الأرملة أربعة أشهر وعشرة ايام
فرض الله تعالى العدة على المطلّقات ، والمتوفّى عنهنّ أزواجهنّ بقوله تعالى :
(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) البقرة/228 ،
وقوله سبحانه : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ
بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) البقرة/234 .
والواجب على المسلم السّمع والطّاعة ، والتّسليم لنصوص الوحي
، والأحكام الشّرعيّة ، وإن لم يعرف الحكمة منها ، قال الله تعالى :
(فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا
يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء/65
، وقال سبحانه وتعالى : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى
اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ) النور/51 ، وقال تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ
إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) الأحزاب/36 .
وهذا لا يمنع من ذكر العلّة للأحكام ، وقد ذكر أهل العلم رحمهم
الله للعدّة عللاً منها :
1- التّعبّد بامتثال أمر الله عزّ وجلّ حيث أمر بها النّساء المؤمنات .
2- معرفة براءة الرّحم حتى لا تختلط الأنساب بعضها ببعض .
3- تهيئة فرصة للزّوجين في الطّلاق ؛ لإعادة الحياة الزّوجيّة عن طريق المراجعة .
4- التّنويه بفخامة أمر النّكاح ؛ حيث لا يتمّ الطلاق إلاّ
بانتظار طويل ، ولولا ذلك لأصبح النكاح بمنزلة لعب الصّبيان ،
يتمّ ثمّ ينفكّ في السّاعة .
5- إظهار الحزن والتّفجّع على الزّوج بعد الوفاة ؛ اعترافاً
بالفضل والجميل .
وزادت عدّة المتوفّى عنها زوجها لما يلي :
1- إنّ الفراق لمّا كان في الوفاة أعظم ؛ لأنّه لم يكن باختيار ، كانت مدّة الوفاء له أطول.
2- إنّ العدّة في المتوفّى عنها زوجها أنيطت بالأمد الذي
يتحرّك فيه الجنين تحرّكاً بيّناً ؛ محافظة على أنساب الأموات ،
ففي الطّلاق جعل ما يدلّ على براءة الرّحم دلالة ظنيّة ؛ لأنّ
المطلّق يعلم حال مطلّقته من طهر وعدمه ، ومن قربانه إيّاها
قبل الطّلاق وعدمه ، بخلاف الميت . وزيدت العشرة الأيام على
أربعة الأشهر ؛ لتحقّق تحرّك الجنين احتياطاً ؛ لاختلاف حركات
الأجنّة قوّة وضعفاً .
3- إنّ ما يحصل من الحزن والكآبة عظيم ، يمتدّ إلى أكثر
من مدّة ثلاثة قروء ، فبراءة الرّحم إن كانت تعرف في هذه المدّة
، فإنّ براءة النّفس من الحزن والكآبة تحتاج إلى مدّة أكثر منها .
4- إنّ تعجّل المرأة المتوفّى عنها زوجها بالزّواج ممّا يسيء
أهل الزّوج ، ويفضي إلى الخوض في المرأة بالنّسبة إلى ما
ينبغي أن تكون عليه من عدم التهافت على الزّواج ، وما يليق
بها من الوفاء للزّوج ، والحزن عليه .
5- إنّ المطلقة إذا أتت بولد يمكن للزّوج تكذيبها ونفيه
باللّعان ، وهذا ممتنع في حق الميت ، فلا يؤمن أن تأتي بولد
فيلحق الميتَ نسبُه ، فاحتيط بإيجاب العدة على المتوفّى عنها زوجها
ثمّ هذه المدّة قليلة بالنسبة للمدّة التي كانت المتوفّى عنها
زوجها تمكث فيها في الجاهليّة . قال الشّيخ ابن عثيمين في
"الشرح الممتع على زاد المستقنع" (13 / 348-349) :
"والحكمة في أنها أربعة أشهر وعشر ـ والله أعلم ـ أنها حماية
لحق الزوج الأول ، ولهذا لما عظم حق الرسول عليه الصلاة
والسلام صارت نساؤه حراماً على الأمة كل الحياة ، أما غيره
فيكتفى بأربعة أشهر وعشرة أيام ، ولماذا كانت أربعة أشهر وعشرة ؟
الجواب: أن الأربعة ثلث الحول ، والعشرة ثلث الشهر ، وقد جاء
في الحديث : (الثلث والثلث كثير) ، وكانت النساء في الجاهلية
يبقين في العدة سنة في أكره بيت ، يضعون لها خباء صغيراً في
البيت ، وتقعد به بالليل والنهار ، ولا تغتسل ولا تتنظف ، وتبقى
سنة كاملة ، يمر عليها الصيف والشتاء ، فإذا خرجت أَتَوْا لها
بعصفور أو دجاجة أو غير ذلك لتتمسح به ، ثم تخرج من هذا
الخباء المنتن الخبيث ، وتأخذ بعرة من الأرض وترمي بها ،
كأنها تقول بلسان الحال : كل الذي مَرَّ عليَّ ما يساوي هذه
البعرة ! لكن الإسلام ـ الحمد لله ـ جاء بهذه المدة الوجيزة ،
أربعة أشهر وعشرة أيام ، ثم مع ذلك هل منعها من التنظف ؟ لا ،
تتنظف كما شاءت ، وتلبس ما شاءت غير أن لا تتبرج بزينة" انتهى .