المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : و الذين إذا فعلوا فاحشة ...


ناصح أمين
12-10-2019, 10:05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم

المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين


===================================

======== { و الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم .. } آل عمران .

يا لسماحة هذا الدين !

إن الله – سبحانه – لا يدعو الناس إلى السماحة بينهم حتى يطلعهم على جانب من سماحته – سبحانه و تعالى – معهم ليتذوقوا و يتعلموا و يقتبسوا .

إن المتقين في أعلى مراتب المؤمنين .. و لكن سماحة هذا الدين و رحمته بالبشر تسلك في عداد المتقين " الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم " ..

و الفاحشة أبشع الذنوب و أكبرها .

و لكن سماحة هذا الدين لا تطرد من يهوون إليها ، من رحمة الله ، و لا تجعلهم في ذيل القافلة .. قافلة المؤمنين ..

إنما ترتفع بهم إلى أعلى مرتبة .. مرتبة المتقين .. على شرط واحد .

شرط يكشف عن طبيعة هذا الدين و وجهته : أن يذكروا الله فيستغفروا لذنوبهم ، و ألا يصروا على ما فعلوا و هم يعلمون أنه الخطيئة ، و ألا يتبجحوا بالمعصية في غير تحرج و لا حياء

و بعبارة أخرى أن يكونوا في إطار العبودية لله ، و الاستسلام له في النهاية ، فيظلوا في كنف الله و في محيط عفوه و رحمته و فضله .



======== إن هذا الدين ليدرك ضعف هذا المخلوق البشري الذي تهبط به ثقلة الجسد أحيانا إلى درك الفاحشة ، وتهيج به فورة اللحم و الدم فينزوا نزوة الحيوان في حمى الشهوة ، فيخالف أمر الله في حمى الاندفاع .

يدرك ضعفه هذا فلا يقسو عليه ، و لا يبادر إلى طرده من رحمة الله حين يظلم نفسه . حين يرتكب الفاحشة .. المعصية الكبيرة ..

و حسبه أن شعلة الإيمان ما تزال في روحه لم تنطفئ ، و أن نداوة الإيمان ما تزال في قلبه لم تجف ، و أن صلته بربه ما تزال حية لم تذبل ، و أنه يعرف أنه عبد يخطئ و أن له ربا يغفر .



======== و إذن فما يزال هذا العبد الضعيف الخاطئ المذنب بخير ..

إنه سائر في الدرب لم ينقطع به الطريق ، ممسك بالعروة لم ينقطع به الحبل ..

فليعثر ما شاء له ضعفه أن يعثر . فهو واصل في النهاية ما دامت الشعلة معه ، و الحبل في يده ، ما دام يذكر الله و لا ينساه و يستغفره و يقر بالعبودية له و لا يتبجح بمعصيته .



======== إنه لا يغلق في وجه هذا المخلوق الضعيف باب التوبة ، و لا يلقيه منبوذا حائرا في التيه ، و لا يدعه مطرودا خائفا من المآب ..

إنه يطمعه في المغفرة ، و يدله على الطريق ، و يأخذ بيده المرتعشة ، و يسند خطوته المتعثرة ، و ينير له الطريق ، ليفيء إلى الحمى الآمن ،و يثوب إلى الكنف الأمين .

شيء واحد يتطلبه : ألا يجف قلبه ، و تظلم روحه ، فينسى الله

ما دام في قلبه ذلك الندى البليل .. فسيطلع النور في روحه من جديد ، و سيؤوب إلى الحمى الأمن من جديد ، و ستنبت البذرة الهامدة من جديد .