و لا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ...
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد - صلى الله عليه و سلم - المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين . .================================= ======== { و لا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله و اذكر رباك إذا نسيت و قل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا } الكهف . إن كل حركة و كل نأمة ، بل كل نفس من أنفاس الحي ، مرهون بإرادة الله . و سجف الغيب مسبل يحجب ما وراء اللحظة الحاضرة ، و عين الإنسان لا تمتد إلى ما وراء الستر المسدل ، و عقله مهما علم قاصر كليل . فلا يقل إنسان : إني فاعل ذلك غدا و غدا في غيب الله . ======== و ليس معنى هذا أن يقعد الإنسان ، لا يفكر في أمر المستقبل و لا يدبر له ، و أن يعيش يوما بيوم ، لحظة بلحظة . و ألا يصل ماضي حياته بحاضره و قابله .. كلا . و لكن معناه أن يحسب حساب الغيب و حساب المشيئة التي تدبره ، و أن يعزم ما يعزم و يستعين بمشيئة الله على ما يعزم ، و يستشعر أن يد الله فوق يده ، فلا يستبعد أن يكون لله تدبير غير تدبيره . فإن وفقه الله إلى ما اعتزم فيها . و إن جرت مشيئة الله بغير ما دبر لم يحزن و لم ييأس ، لأن الأمر لله أولا و أخيرا . ======== فليفكر الإنسان و ليدبر ، و لكن ليشعر أنه إنما يفكر بتيسير الله ، و يدبر بتوفيق الله ، و أنه لا يملك إلا ما يمده الله به من تفكير و تدبير . و لن يدعو هذا إلى كسل أو تراخ ، أو ضعف أو فتور ، بل على العكس يمده بالثقة و القوة و الاطمئنان و العزيمة . فإذا انكشف ستر الغيب عن تدبير لله غير تدبيره ، فليتقبل قضاء الله بالرضى و الطمأنينة و الاستسلام . لأنه الأصل الذي كان مجهولا له فكشف عنه الستار . ======== هذا هو المنهج الذي يأخذ به الإسلام قلب المسلم فلا يشعر بالوحدة و الوحشة و هو يفكر و يدبر. و لا يحس بالغرور و التبطر و هو يفلح و ينجح . و لا يستشعر القنوط و اليأس و هو يفشل و يخفق . بل يبقى في كل أحواله متصلا بالله ، قويا بالاعتماد عليه ، شاكرا لتوفيقه إياه ، مسلما بقضائه و قدره غير متبطر و لا قنوط . " و اذكر ربك إذا نسيت " .. إذا نسيت هذا التوجيه و الاتجاه فاذكر ربك و ارجع إليه . " و قل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا " من هذا المنهج الذي يصل القلب دائما بالله في كل ما يهم به و كل ما يتوجه إليه . |
الساعة الآن 04:08 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.