ليتنا نلبي تلبية الأرض و السماء ...
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد - صلى الله عليه و سلم - المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين . .================================= ======== { فقال لها و للأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعتين } فصلت . إنها إيماءة عجيبة إلى انقياد هذا الكون للناموس ، و إلى اتصال حقيقة هذا الكون بخالقه اتصال الطاعة و الاستسلام لكلمته و مشيئته . فليس هنالك إذن إلا هذا الإنسان الذي يخضع للناموس كرها في أغلب الأحيان . إنه خاضع حتما لهذا الناموس ، لا يملك أن يخرج عنه ، و هو ترس صغير جدا في عجلة الكون الهائلة ، و القوانين الكونية الكلية تسري عليه رضي أم كره . ======== و لكنه هو وحده الذب لا ينقاد طائعا طاعة الأرض و السماء . إنما يحاول أن يتفلت ، و ينحرف عن المجرى الهين اللين ، فيصطدم بالنواميس التي لا بد أن تغلبه - و قد تحطمه و تسحقه - فيستسلم خاضعا غير طائع . إلا عباد الله الذين تصطلح قلوبهم و كيانهم و حركاتهم و تصوراتهم و إرادتهم و رغباتهم و اتجاهاتهم .. تصطلح كلها مع النواميس الكلية ، فتأتي طائعة ، و تسير هينة لينة ، مع عجلة الكون الهائلة ، متجهة إلى ربها مع الموكب ، متصلة بكل ما فيه من قوى .. و حينئذ تصنع الأعاجيب ، و تأتي بالخوارق ، لأنها مصطلحة مع الناموس ، مستمدة من قوته الهائلة ، و هي منه و هو مشتمل عليها في الطريق إلى الله " طائعين ". ======== إننا نخضع كرها . فليتنا نخضع طوعا . ليتنا نلبي تلبية الأرض و السماء . في رضى و في فرح باللقاء مع روح الوجود الخاضعة المطيعة الملبية المستسلمة لله رب العالمين . عجلة القدر تدور بطريقتها و بسرعتها و لوجهتها ، و تدير الكون كله معها وفق سنن ثابتة .. و نأتي نحن بما يطرؤ على نفوسنا – حين تنفك عن العجلة و تنحرف عن خيط السير – من قلق و استعجال و أنانية و طمع و رغبة و رهبة .. و نظل نشرد هنا و هناك و الموكب ماض . و نحتك بهذا الترس و ذاك و نتألم . و نصطدم هنا و هناك و نتحطم . و العجلة ماضية في سرعاتها و بطريقتها إلى وجهتها . و تذهب قوانا و جهودنا كلها سدى . ======== فأما حين تؤمن قلوبنا حقا ، و تستسلم لله حقا ، و تتصل بروح الوجود حقا . فإننا حينئذ نعرف دورنا على حقيقته ، و ننسق بين خطانا و خطوات القدر ، و نتحرك في اللحظة المناسبة بالسرعة المناسبة في المدى المناسب . و يا للرضى ، و يا للسعادة ، و يا للراحة ، ويا للطمأنينة التي تغمر قلوبنا يومئذ في رحلتنا القصيرة ، على هذا الكوكب الطائع الملبي ، السائر معنا في رحلته الكبرى إلى ربه في نهاية المطاف .. و يا للسلام الذي يفيض في أرواحنا و نحن نعيش في كون صديق ، كله مستسلم لربه ، و نحن معه مستسلمون . |
جزاك الله خيرا
|
الساعة الآن 12:56 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.