مقال وصفي ( كبتشينو مع النيل )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
كلنا يعرف النيل ، لكن الكثير منا يعرفه على الخريطة ، حيث يبدو شرياناً ضخماً يمر بقلب مصر النابض ( القاهرة ) فينشر فيها الحياة .. نعم الحياة !!!
حين نقترب من النيل ، تداعبك أنفاسه اللطيفة ، فتشعر بانتشاء وطرب لا رقص فيه ولا غناء .. لا صخب فيه ولا عناء .. شواطئه تغريك بالنظر إليها ، حيث أمواجه تلثم جذوع الأشجار وتلاعب أجناساً مختلفة من النبات ، وحيث تراه وقد مد ضرعاً لكل ريف ، وأنامل من الماء تداعب خصلات الزروع وأصناف الزهور ..
عشق مسطر على صفحات التاريخ ووجناته ،بين النيل وأهله ، لا يضمحل ولا يبلى .
وفي لحظة هيام وإعجاب بالنيل ، أحببت أن أقترب منه أكثر ، وكأني أريد أن أسمع دقات قلبه ونبضه ، أو كأني أريد أن أقذف بنفسي في أعماقه لأطفئ بعضاً من شوقي وعشقي .. فركبت ( تاكسي ) .. [ على فين يا باشى ] هاكذا خاطبني السواق ..قلت : [ أي حته بقوار النيل ] قال : [ إيه رايك بكزينو أسر النيل ] قلت : [ يا الله بينا] .. لم يبق َ على غروب الشمس سوى ساعة تقريباً .. حيث أضفت أشعت الشمس على ملامح النيل مسحة من الخجل ، ووميضاً خافتاً زاده سحراً وهدوءً ورقة ..
دخلت الكزنو .. واقتربت من النيل حتى شعرت أنه تحت أقدامي .. فلم يكن يفصلني عنه سوى لوح من الزجاج .. فرأيته عن قرب .. وبدأت أتأمله ، وأطارد بنظراتي الفلوكات التي تقطعه بالطول والعرض ، وأمد بصري لشطه الآخر ، فأرى حياة آخرى كالتي على شطه المقابل :
( والناسُ في حبهِ سكارى .. هاموا على أفقهِ الرحيبِ )
تقدم نحوي ( الجرسون ) وكان خفيف ظل ، سألني :[ ليه آعد لوحدك ] ، قلت له : [ أنا مش لوحدي ، أنا مع النيل ] تبسم ، ثم قال : [ طيب تشرب إيه إنت والنيل؟؟ ] قلت له : [ اثنين كبتشينو لو سمحت ] ضحك وراح جاب لي واحد كبتشينو وكوب ماء ..
في العادة لا أحد يجلس على طاولة لوحده بدون صحبه .. وربما شعرت بشي من الحرج .. لكن زال الحرج ..حين جلست فتاة على طاولة أخرى ليست عني ببعيد بمفردها .. وتبادلنا النظرات في البداية ، لأننا كنا الوحيدين نجلس على هذا الوضع ..
غربت الشمس واكتحلت رموش النيل ، وأصبح ناعس الطرف .. وبدأت مصابيح النور ترسم على أمواجه لوحات من الجمال تحتاج لجلسة أخرى وكبتشينو آخر .. لكنني نهضت ، وتذكرت تلك الفتاة التي جلست بفردها فرمقتها فإذا هي بصحبة فتاة أخرى .. غادرت الكزنو .. وبقي معي النيل .. فقد لمحته في عيني تلك الفتاة وقت خروجي فلم ولن أنساااااه .. !!!!!!.
تحياتي لزوار هذه الصفحة ...
زارع الورد ...
|