أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد - صلى الله عليه و سلم -
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين . .=================================
========{ أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم } البقرة
إن آفة رجال الدين – حين يصبح الدين حرفة و صناعة لا عقيدة حارة دافعة – أنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ، يأمرون بالخير و لا يفعلونه ، و يدعون إلى البر و يهملونه ، و يحرفون الكلم عن مواضعه ، و يؤولون النصوص القاطعة خدمة للغرض و الهوى ..
و يجدون فتاوى و تأويلات قد تتفق في ظاهرها مع ظاهر النصوص ، و لكنها تختلف في حقيقتها عن حقيقة الدين ، لتبرير أغراض و أهواء الذين يملكون المال أو السلطان .
======== و الدعوة إلى البر و المخالفة عنه في سلوك الداعين إليه ، هي الآفة التي تصيب النفوس بالشك لا في الدعاة و حدهم و لكن في الدعوات ذاتها .
و هي التي تبلبل قلوب الناس و أفكارهم ، لأنهم يسمعون قولا جميلا و يشهدون فعلا قبيحا ، فتتملكهم الحيرة بين القول و الفعل ، و تخبوا في أرواحهم الشعلة التي توقدها العقيدة ، و ينطفئ في قلوبهم النور الذي يشعه الإيمان ..
و لا يعودون يثقون في الدين حينما فقدوا ثقتهم يرجال الدين .
======== و المطابقة بين القول و الفعل ، و بين العقيدة و السلوك ، ليست أمرا هينا ، و لا طريقا معبدا .
إنها في حاجة إلى رياضة و جهد و محاولة .
و إلى صلة بالله ، و استمداد منه ، و استعانة بهديه .
و الفرد الفاني ما لم يتصل بالقوة الخالدة ضعيف مهما كانت قوته ، لأن قوى الشر و الطغيان و الإغواء أكبر منه .
فأما و هو يركن إلى قوة الأزل و الأبد فهو قوي قوي ، أقوى من كل قوة ، قوي على شهوته ، قوي على ذوي القوة الذين يواجهونه .
|