فهديناه النجدين ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد - صلى الله عليه و سلم -
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين . .=================================
======== { فهديناه النجدين }
إن هذا الإنسان مزدوج الطبيعة ، مزدوج الاستعداد ، مزدوج الاتجاه ..
و كلمة مزدوج تعني على وجه التحديد أنه بطبيعة تكوينه ( من طين الأرض و من نفخة الله فيه من روحه ) مزود باستعدادات متساوية للخير و الشر ، و الهدى و الضلال .
فهو قادر على التمييز بين ما هو خير و ما هو شر .
كما أنه قادر على توجيه نفسه إلى الخير و إلى الشر سواء .
و أن هذه القدرة كامنة في كيانه ، يعبر عنها القرآن بالإلهام تارة .... " و نفس و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها " ... ويعبر عنها بالهداية تارة ... " فهديناه النجدين " ...
======== فهي كامنة في صميمه في صورة استعداد ..
و الرسالات و التوجيهات و العوامل الخارجية إنما توقظ هذه الاستعدادات و تشحذها و توجهها هنا أو هناك .
و لكنها لا تخلقها خلقا . لأنها مخلوقة فطرة ، و كائنة طبعا ، و كامنة إلهاما .
======== و هناك إلى جانب هذه الاستعدادات الفطرية الكامنة قوة واعية مدركة موجهة في ذات الإنسان هي التي تناط بها التبعة .
فمن استخدم هذه القوة في تزكية نفسه و تطهيرها و تنمية استعداد الخير فيها و تغليبه على استعداد الشر .. فقد أفلح .
و من أظلم هذه القوة و خبأها و أضعفها .. فقد خاب .
" قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها "
======== و رحمة من الله بالإنسان لم يدعه لاستعداد فطرته الإلهامي ، و لا للقوة الواعية المالكة للتصرف ، فأعنه بالرسالات التي تضع له الموازين الثابتة الدقيقة ، و تكشف له عن موحيات الإيمان و دلائل الهدى في نفسه و في الآفاق من حوله ..
و تجلو عنه غواشي الهوى فيبصر الحق في صورته الصحيحة و بذلك يتضح له الطريق وضوحا كاشفا لا غبش فيه ولا شبهة فتنصرف القوة الواعية حينئذ عن بصيرة و إدراك لحقيقة الاتجاه التي تختاره و تسير فيه .
|