اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب و لهو ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين .
===================================
======== { اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب و لهو و زينة و تفاخر بينكم و تكاثر في الأموال و الأولاد ... } الحديد .
و الحياة الدنيا حين تقاس بمقاييسها هي و توزن بموازينها تبدو في العين و في الحس أمراً عظيماً هائلاً .
و لكنها حين تقاس بمقاييس الوجود و توزن بميزان الآخرة تبدو شيئاً زهيداً تافهاً .
وهي هنا في هذا التصوير تبدو لعبة أطفال بالقياس إلى ما في الآخرة من جد تنتهي إليه مصائر أهلها بعد لعبة الحياة .
======== لعب .. و لهو .. و زينة .. و تفاخر .. و تكاثر.. هذه هي الحقيقة وراء كل ما يبدو فيها من جد حافل و اهتمام شاغل .
ثم يمضي يضرب لها مثلاً مصوراً على طريقة القرآن المبدعة .. { كمثل غيث أعجب الكفار نباته } .
و الكفار هنا هم الزراع . فالكافر في اللغة هو الزارع ، يكفر أي يحجب الحبة و يغطيها في التراب .
و لكن اختياره هنا فيه تورية و إلماع إلى إعجاب الكفار بالحياة الدنيا .. { ثم يهيج فتراه مصفراً } للحصاد . فهو موقوت الأجل ينتهي عاجلاً ، و يبلغ أجله قريباً .. { ثم يكون حطاماً }.
و ينتهي شريط الحياة كلها بهذه الصورة المتحركة المأخوذة من مشاهدات البشر المألوفة .. ينتهي بمشهد الحطام .
======== فأما الآخرة فلها شأن غير هذا الشأن ، شأن يستحق أن يحسب حسابه و ينظر إليه و يستعد له :
{ و في الآخرة عذاب شديد و مغفرة من الله و رضوان }
فهي لا تنتهي في لمحة كما تنتهي الحياة الدنيا و هي لا تنتهي إلى حطام كذلك النبات البالغ أجله ..
إنها حساب و جزاء .. و دوام .. يستحق الاهتمام .
{ و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور }
فما لهذا المتاع حقيقة ذاتية ، إنما يستمد قوامه من الغرور الخادع ، كما أنه يلهي و ينسي فينتهي بأهله إلى غرور خادع .
و هي حقيقة حين يتعمق القلب في طلب الحقيقة ، حقيقة لا يقصد بها القرآن العزلة عن حياة الأرض و لا إهمال عمارتها و خلافتها التي ناطها بهذا الكائن البشري .
إنما يقصد بها تصحيح المقاييس الشعورية و القيم النفسية و الاستعلاء على غرور المتاع الزائل و جاذبيته المقيدة بالأرض هذا الاستعلاء الذي يحتاج إليه كل مؤمن بعقيدة ليحقق عقيدته و لو اقتضى تحقيقها أن يضحي بهذه الحياة الدنيا كلها .
|