النصيحة ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد - صلى الله عليه و سلم -
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين . .=================================
======== كل قول فيه حث على صلاح و نهي عن فساد ، هو قول طيب سديد ، و كلام نافع مفيد ..
و كل ما كان كذلك فهو " نصيحة "
لأن فيه سدا للخلل ، و علاجا للأدواء و العلل ..
كما فيه تنقية للشوائب و درءا للعيوب .
======== فالنصيحة كلمة جامعة ، معناها حيازة الخير للمنصوح .
و قد قيل ليس في كلام العرب لكلمة أجمع للخير في الدارين من النصيحة .
فلا عجب إذا اختصر رسول الله – صلى الله عليه و سلم – الدين في النصيحة فقال : " الدين النصيحة "
ففي هذا الحصر دليل قاطع و برهان ساطع على أن النصيحة تشمل خصال الخير .
======== حق للنصيحة أن تتبوأ هذه المنزلة الرفيعة و المكانة الراقية .
و لم لا ؟ و هي مهمة رسل الله .
يقول الله تعالى على لسان نوح عليه السلام لقومه " أبلغكم رسالات ربي و أنصح لكم "
و على لسان هود عليه السلام " أبلفكم رسالات ربي و أنا لكم ناصح أمين " .
======== إن النصيحة حق من حقوق المؤمن على أخيه ، فإذا طلبها منه ازداد هذا الحق تحقيقا و توكيدا و توثيقا .
يقول الرسول – صلى الله عليه ة سلم - :
" حق المؤمن على المؤمن ست ، و ذكر منها و إذا استنصحك فانصح له "
" إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له "
======== فنصيحة الإنسان لأخيه الإنسان حماية و حفظ و وقاية لأنها قد تنقذ المنصوح من أخطار محدقة ، و كوارث قد تكون محققة .
إن النصيحة حق من الحقوق المتبادلة بين الإنسان و أخيه .
فكل منهما لأخيه ناصح و موجّه .
و النصيحة توجه من الكبير إلى الصغير ، و من الصغير إلى الكبير ، ينصح الأب ولده ، و ينصح الولد أباه .
و على المنصوح أن يستقبل النصيحة بترحاب لا تشوبه مضاضة حيث لا حرج في ذلك .
======== إن نصيحة الإنسان لأخيه الإنسان يجب أن تتسم باللطف و الإحسان و إرشاده إلى ما فيه صلاحه و دفع الأذى و المكروه عنه ما استطاع الناصح إلى ذلك سبيلا .
و يجب أن يقصد من وراء نصيحته الحفظ و الصون و تقديم العون .
و كل ذلك بلين و يسر ، لا عنف فيه و لا عسر .
فإن كانت النصيحة عامة فيجب توخي الحذر في تقديمها بحيث لا يذكر فيه اسم شخص معين ، فإن ذلك من التشهير الذي ضرره أكثر من نفعه بكثير .
و لقد كان من هدي النبي – صلى الله عليه و سلم – إذا أراد نصح إنسان أخطأ لم يزد على قوله : " ما بال أقوام يفعلون كذا و كذا " رغم علمه التام بهؤلاء الأقوام .
و إن كانت النصيحة خاصة فيجب أن تكون في سرية تامة و قد قيل : " من وعظ أخاه سرا فقد نصحه و زانه ، و من نصحه علانية فقد فضحه و شانه "
و قد أحسن الإمام الشافعي إذ قال :
تغمدني بنصحك في انفرادي ... و جنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع ... من التوبيخ لا أرضى استماعه
و إن خالفتني و عصيت قولي ... فلا تجزع إذا لم تعط طاعة
|