و في ذلك فليتنافس المتنافسون ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد - صلى الله عليه و سلم -
المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين . .=================================
======== {و في ذلك فليتنافس المتنافسون } المطففين .
إن الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ، و لا يحسبون حساب اليوم الآخر ، و يكذبون بيوم الحساب و الجزاء ، و يرين على قلوبهم الإثم و المعصية ..
إن هؤلاء إنما يتنافسون في مال أو متاع من متاع الأرض الزهيد ، يريد كل منهم أن يسبق إليه ، و أن يحصل على أكثر نصيب منه .
و من ثم يظلم و يفجر و يأثم و يرتكب ما يرتكب في سبيل متاع من متاع الأرض الزائل .
و ما في هذا العرض القريب الزهيد ينبغي التنافس .
و السعي لعرض الدنيا يدع الأٍرض مستنقعا وبيئا تأكل فيه الديدان بعضها البعض ، أو تنهش فيه الهوام و الحشرات جلود الأبرار الطيبين .
و الذين يتنافسون على شيء من أشياء الأرض مهما كبر و ارتفع و عظم ، إنما يتنافسون في حقير قليل فان قريب .
و الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة .
======== و لكن الآخرة ثقيلة في ميزانه ، فهي إذن حقيقة تستحق التنافس و المسابقة .
و التنافس على نعيم الآخرة لا يدع الأرض خرابا كما يتصور بعض المنحرفين .
إنما يجعل الإسلام الدنيا مزرعة الآخرة ، و يجعل القيام بخلافة الأرض بالعمار مع الصلاح و التقوى وظيفة المؤمن الحق على أن يتوجه بهذه الخلافة إلى الله ، و يجعل منها عبادة له تحقق غاية وجوده كما قررها الله – سبحانه – و هو يقول :
" و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " .
======== إن عمر المرء في هذه العاجلة محدود ، وعمره في الآجلة لا يعلم نهايته إلا الله .
و إن متاع هذه الأرض في ذاته محدود .
و متاع الجنة لا تحده تصورات البشر .
و إن مستوى النعيم ف ي هذه الدنيا معروف ، و مستوى النعيم هناك يليق بالخلود .
فأين مجال من مجال ؟ .. و أين غاية من غاية ؟ حتى بحساب الربح و الخسارة فيما يعهد البشر من الحساب .
ألا إن السباق إلى هناك .. و في ذلك فليتنافس المتنافسون .
|