10-08-2018, 11:26 AM | #1 |
| عضو متألق |
|
لكي لا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم ...
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه أجمعين . =================================== ======== { ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ... } الحديد . إن هذا الوجود من الدقة و التقدير بحيث لا يقع فيه حادث إلا و هو مقدر من قبل في تصميمه ، محسوب حسابه في كيانه .. لا مكان للمصادفة ، و لا شيء فيه جزاف . و قبل خلق الأرض و قبل خلق الأنفس كان في علم الله الكامل الشامل الدقيق كل حدث سيظهر للخلائق في وقته المقدور .. و في علم الله لا شيء ماض و لا شيء حاضر و لا شيء قادم فتلك الفواصل الزمنية إنما هي معالم لنا - نحن أبناء الفناء – نرى بها حدود الأشياء . ======== و هذا الكون و ما يقع فيه من أحداث و أطوار مند نشأته إلى نهايته كائن في علم الله جملة لا حدود فيه و لا فواصل من زمان أو مكان . فكل مصيبة من خير أو شر تقع في الأرض كلها و في أنفس البشر أو المخاطبين منهم يومها هي في ذلك الكتاب الأزلي من قبل ظهور الأرض و ظهور الأنفس في صورتها التي ظهرت بها { إن ذلك على الله يسير } . ======== { لكي لا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم } . فاتساع أفق النظر ، و التعامل مع الوجود الكبير ، و تصور الأزل و الأبد ، و رؤية الأحداث في مواضعها المقدرة في علم الله ، الثابتة في تصميم هذا الكون .. كل أولئك يجعل النفس أفسح و أكبر و أكثر ثباتا و رزانة في مواجهة الأحداث العابرة حين تتكشف للوجود الإنساني و هي مارة به في حركة الوجود الكوني . ======== إن الإنسان يجزع و يستطار و تستخفه الأحداث حين ينفصل بذاته عن هذا الوجود ، و يتعامل مع الأحداث كأنها شيء عارض يصادم وجوده الصغير . فأما حين يستقر في تصوره و شعوره أنه هو و الأحداث التي تمر به و تمر بغيره والأرض كلها .. ذرات في جسم كبير هو هذا الوجود .. و أن هذه الذرات كائنة في موضعها في التصميم الكامل الدقيق لازم بعضها لبعض و أن ذلك كله مقدر مرسوم معلوم في علم الله المكنون .. حين يستقر هذا في تصوره و شعوره ، فإنه يحس بالراحة و الطمأنينة لمواقع القدر كلها على السواء . فلا يأسى على فائت أسى يضعضعه و يزلزله ، و لا يفرح بحاصل فرحا يستخفه و يذهله . و لكن يمضي مع قدر الله في طواعية وفي رضى . رضى العارف المدرك أن ما هو كائن هو الذي ينبغي أن يكون .. ======== و هذه درجة قد لا يستطيعها إلا القليلون . فأما سائر المؤمنين فالمطلوب منهم ألا يخرجهم الألم للضراء ، و لا الفرح بالسراء عن دائرة التوجه إلى الله و ذكره بهذه و بتلك ، و الاعتدال في الفرح و الحزن . قال عكرمة – رضي الله عنه - : ( ليس أحد إلا و هو يفرح و يحزن ، و لكن اجعلوا الفرح شكراً و الحزن صبراً ) . و هذا هو اعتدال الإسلام الميسر للأسوياء . |
|
|
|