طارق الحبيب من وجهة نظر

بســـــــــم الله الرحمن الرحيم

عندما نختلف في وجهات النظر ، فهذا يعني أننا نعيش ظاهرة صحية في الأصل ، لأن ذلك يعني أننا نفكر ونحاول أن نتفق حين يحاول كل منا أن يقنع الآخر بوجهة نظره ، هذا إن صدقت النيات وتفهم كل طرف فكر الآخر وأحسن الظن به ، وسلك سبل المنطق السليم بعيداً عن التعصب والميولات العاطفية الخاصة .


حين قرأت ُ موضوع ( الفرق بين هو و هي) الذي ينسب للدكتور / طارق الحبيب ، شعرت بأن هناك تحاملاً على الرجل ، بغض النظر عن المبالغة في امتداح المرأة فليس هذا بيت القصيد ، فما أجمل أن تكون المرأة بتلك الصورة الحسنة!! . فأحببت أن أقترب أكثر من فكر الدكتور / طارق الحبيب لعلي أخرج برؤية أكثر وضوحاً وتفهماً ومصداقية . فبدأت أتتبع أطروحاته وبرامجه في بعض القنوات الفضائية عن طريق النت ومن خلال اليوتيوب ، فتفاجأت بشخصية رائعة ذات عطاء فكري ومكانة علمية عالية في مجاله ، لكنه في الوقت نفسه يمثل شخصية مثيرة للجدل في بعض تصريحاته الغريبة . ومن هنا فقد ظهر لي ما يلي :


أولاً : الدكتور / طارق علي الحبيب هو استشاري في علم النفس .. وهو كما يبدو حاذق في فنه ومجاله . وقد أعجبني كثيراً في أطروحاته التي يقدمها في قناة الرسالة من خلال حلقاته ( النفس والحياة ) حيث يعرض لكثير من القضايا الاجتماعية الهامة ، مثل : (تعدد الزوجات - صفات الرجل القادر على التعدد - أنواع الشخصيات - استشارات زوجية - اختيار شريك الحياة ) وغيرها من القضايا الأسرية
المعاصرة بظروفها الاجتماعية والنفسية . وقد شعرت بقيمة هذا الرجل ومهارته في قراءته النفسية وتحليله المنطقي والسليم ، وهو إلى جانب ذلك متحدث لبق وجذاب في كلامه وعرضه ، يظهر في كثير من القنوات الفضائية بهذه الصورة المتألقة دائماً . فهذه مثلا صورة مشرقة لهذا الرجل . لا ينكرها عاقل .

ثانياً / الدكتور / طارق الحبيب ، شخصية
مثيرة للجدل .

قال مالك بن أنس - رحمه الله تعالى - : ( كل انسان يؤخذ من كلامه ويرد الا صاحب هذا القبر وأشار الى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ ) علينا أن نأخذ بالحسبان أنه إذا كان علماء الأمة وفقهاؤها يندرجون تحت هذه العبارة ، فيكون ما قالوه ضمن تفسيراتهم وتحليلاتهم واجتهاداتهم يؤخذ منها ويرد ، فإن غيرهم من باب أولى . أقول هذا لمحبي الدكتور / طارق ، حتى لا يكون في أنفسهم شيء مما يأتي .

ومن هنا فقد وقع الدكتور / طارق الحبيب في كثير من الأخطاء - الغير مقصودة طبعاً- كوصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه كان ناقصاً قبل النبوة ، بسبب فقده لحنان الأم ، وأنه إنما تزوج السيدة خديجة - رضي الله عنها - لتعوضه ذلك النقص - على حد تعبيره - مع أن السيدة خديجة - رضي الله عنها - هي التي عرضت نفسها عليه صلى الله عليه وسلم وفضلته على سائر سادات قريش ، ولو كان يرى فيها تعويضاً عن حنان الأم المفقود لسعى إليها مبتدئاً . وقد أثارت مفردته اللفظية ( ناقصاً ) جدلاً واسعاً وامتعاض الكثير من العلماء في وقته وحينه ، وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ :

http://vb.tgareed.com/t281579/


وفوق أنه يخونه التعبير - أحياناً - يصر على مبدأ التحليل النفسي لبعض جوانب حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وينسى أن الرسول صلى الله عليه وسلم له خصوصية واستثناء عن باقي البشر .. بل أن التكوين الاجتماعي والفكري للعرب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يختلف عنه اليوم ، فلا يمكن أن يخضع لقواعد ونظريات العصر الحديث . فماذا لو كان الأمر يخص سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم .


ويخرج الدكتور / طارق الحبيب من الخطأ السابق إلى خطأ آخر ، وهو استخدامه لفظ ( إنسان الجنوب - وإنسان الشمال ) في معرض حديثه عن الوطنية ، وينسى أنه يستخدم عموميات لفظية ، تطول شريحة كبيرة من مجتمعنا يفخرون بانتمائهم لهذا الوطن حتى لو كانوا يحملون جنسيات أخرى ، ويعيشون في دول أخرى ، فماذا وهم يعيشون على تراب هذا الوطن الغالي ولا يحملون جنسيات أخرى ، سواء في الجنوب أو الشمال ، وسواء كانوا على الشريط الحدودي - كما يدعي حينما أخذ يدافع عن نفسه - أو غير ذلك . وحتى لو كان يقصد بإنسان الجنوب ، وإنسان الشمال من يعيشون على الشريط الحدودي فهو قد شكك في صدق إنتمائهم لوطنهم رجماً بالغيب لا دليل على ما يقول . كما أن عموم اللفظ هو المعتبر هنا ، ولا قيمة لتوضيحه بعد ذلك فهو مجرد ترقيع غير مقنع :



وكما يلاحظ الجميع ضبابية تعبيره عن المقصود . فالإنتماء للوطن هو ما يجمعنا ، بغض النظر عن وجود بعض ضعف الانتماء لبعضنا بحكم القبلية وبعد المكان فهذا الأمر موجود في جميع أنحاء العالم ، وقد يتلاشى وينحصر كلما اجتمعنا في ميدان الدراسة والعمل ، ومن خلال العلاقات والصداقات الخاصة . يعني لم تكن ظاهرة حتى يتكلم عنها ، كما أن ذلك ليس دليلاً على ضعف الوطنية . والملاحظ - أيضاً - انحيازه لرجل الوسطى في معرض كلامه ، قد يفهم منه ، أن رجل الوسطى هو الرجل الوطني الأول ، والإنتماء إليه يعني الإنتماء للوطن . فلو كان دقيقاً في التعبير لأشار إلى أن رجل الوسطى - مثلاً - ينظر إلى رجل الجنوبية نظرة دونية ، ويترك الوطن سماء تظلنا جميعاً.
فهذا أهون بكثير من وصف أهل الجنوب وأهل الشمال بالإنتماء للدول المجاورة على حساب إنتمائهم لوطنهم . والعجيب أنه يحرص على شعور الدول المجاورة أكثر من حرصه على شعور ابن الوطن ، في جنوبها وشمالها . فهو يقول بعد ذلك : ( أنا لست ضد الدول المجاورة فهم إخواننا وأحبابنا وأهلنا ... ) . ولكنه كما يبدو يتكلم بحسن نية مع كل ذلك ، فهو لا يقصد الإساءة لأحد .

طبعاً ليس جديداً ما ذكرتُه من زلات للدكتور / طارق الحبيب ، والتي أثارت ضده
جمعاً غفيراً من المتابعين على اختلاف توجهاتهم الفكرية ، فردوا عليه في الصحافة ، وهاجموه في الفيس بوك ، وفي المنتديات ، بل وصل الأمر لحد تجريحه وشتمه ، وهذا أمر مرفوض ، فهو في النهاية رجل فاضل وشخصية صالحة وبناءة في المجتمع . فليس جديداً ما ذكرته هنا فأغلب الأعضاء يعرف ذلك قبلي .

إنما جعلت ذلك مدخلاً لموضوع ( الفرق بين هو و هي) فإذا كان صاحبه هو نفسه الدكتور / طارق الحبيب الذي معنا هنا .. فقد ثبت أن الرجل - بالرغم من فضله بصفة عامة - له زلاته اللفظية التي أجمع الكثير على استنكارها ، وهو بنفسه قد ظهر وأعلن اعتذاره عنها . وأنا واثق أنه لو عوتب على ما ذكره في ( الفرق بين هو و هي) لبين أنه إنما يقصد نموذجاً من الرجال ونموذجاً من النساء ، ولايقصد إطلاق العموم على جنس الرجال وجنس النساء .

ولا شك أنه هنا يكرر ذلك الخطأ اللفظي الذي يقوم على العموميات دون تبصر فيما يقول .. فيفهم من كلامه أنه يصف الرجل ( بالكسل ، وعدم الشعور بالمسؤولية ، ولا يبالي بأسرته وزوجته ، ولا يقدر تعبها وجهدها ، كثير التشكي ، سيء الطباع ، كثير النوم ، متبلد الإحساس ، جلف الطباع ... إلخ ) . بينما يصف المرأة وصفاً مثالياً . وهذه الأوصاف راق للفتيات كثيراً فتسابقن في نشرهذا الموضوع في المنتديات . بل أنني وجدت هذه الزيادة ( هي: تعيش على الخس والجزر، تواظب على الريجيم والأكل الصحي والرياضة..لا لشيء الا لتبدو جميلة في عينيه.

هو: يعيش ليأكل، ينمو أفقيا.بنسبة بروز واضحة حول محيط الكرش، مرددا ببساطة مقولة: (الرجال مو بشكله)) هذه زيادة وجدتها على الموضوع نفسه في أحد المنتديات . فإن كانت هذه الإضافة ليست من صلب الموضوع ، فهذا يعني إحدى الفتيات أضافته عليه .

وهنا أعجب لأمر ( المرأة ) ما سر طربها الزائد لما قيل من هراء وسخف عن الرجل ؟؟!! ألأنها - دائماً -تشعر بعقدة نقص أمام الرجل ، أم أنها تريد أن تقارن نفسها بالرجل في كل شيء ، لذلك وجدت في هذا الموضوع انتصاراً لها على الرجل .

وتنسى ( المرأة ) أن الرجل - المذكور في الموضوع أي ( هو ) قبل أن يقصد به الزوج ، هو - أيضاً - يطول الأب والأخ العود ،و العم و الخال ، على حد سواء .

فإن كان هذا يرضي المرأة فليكن . لكن دعوا أمر الواقع .. فإن الواقع له أعين تبصر .


تحياتي للجميع ..